الْأَلْبابِ) [سورة ص : ٤٣] ، وقال هنا (وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ) ، فأجاب بأنه أسند الفعل هناك لشيطان ، قال : (أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ) [سورة ص : ٤١] أشعر أن وقوعه به كان سببا ، أن يقرن رفعه بسبب وهنا لم يذكر لنزوله به سببا فلم يقرن رفعه بسبب ، وإن كانت القضية واحدة لكن هذا في الحكاية عنها ، وقال هنا (ذِكْرى لِلْعابِدِينَ) ، لأنهم أعلى درجة من أولي الألباب ، ؛ لأن أولي الألباب أن تذكروا صاروا من العابدين ، وإن لم يتذكروا لم يكونوا من العابدين.
قوله تعالى : (وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ).
قال ابن عطية : إسماعيل أبو العرب المعروفين اليوم.
قال ابن عرفة : يريد أن أبوته للعرب لم تنقطع ، لأنه أب لهؤلاء بأعيانهم.
قال : وترتب المعطوفات ليس بصواب باعتبار التقدم الزماني ، وإنما هو باعتبار علو المنزلة والقدر أو باعتبار الشهوة وعدمها.
قوله تعالى : (وَذَا الْكِفْلِ) [٥٤ / ٢٦٣].
قال الزمخشري : قيل : خمسة من الأنبياء عليهم الصلاة والسّلام ذو اسمين إسرائيل ويعقوب ، وإلياس وذا الكفل ، وعيسى والمسيح ، ويونس وذو النون ، ومحمد وأحمد.
ابن عرفة : لا يريد أنهما اسمان علمان ؛ لأن النحويين حكوا عن الفارسي : أنه منع تسمية الشخص الواحد باسمين علمين ، وأجازه غيره ، قال : والنبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم اسمه الحقيقي محمد ، وأما أحمد فمشتق من الحمد ، ؛ لأنه الفعل ، فإن قلت : منعه من الصرف ووزن الفعل والعلمية ، قلت : له اسمان باعتبار ملتين ، واسمه أحمد في التوراة ، ومحمد في ملتنا.
قوله تعالى : (إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ).
مع أن النبوة أعلى درجة من الصلاح ، ولكن صلاح كل شيء بحسبه ، فصلاح الأنبياء أكمل من صلاح غيرهم.
قوله تعالى : (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً).
قال ابن عرفة : وكان بعض القراء يقول في قول الشاطبي في سورة الفرقان : ونأكل منها النون [...] وجزمنا ويجعل [.....] صاحبه لحمل الضر ؛ إشارة إلى ما ورد في الحديث : " يكون أول طعامهم زيادة كبد الحوت" وهو حديث شائع ذائع ، وليس هو