ابن عرفة : المسقوطة لم يخلق الإنسان منها ، فالصواب قول الزمخشري : المخلقة المسواة المنشأ الشاملة من العيوب والنقصان والله تعالى يخلق مضغ متقاربة فمنها أكمل أملس من العيوب ، ومنها عكسه ، فبذلك تتفاوت النّاس بالطول والقصر والتمام والنقصان.
وقال ابن عرفة : قال الحكماء إن النطفة تارة تبقى في الرحم ثلاثين يوما فيبين حملها بمثلها ، أعني بعد شهرين ، وتارة تبقى خمسة ، وتارة تبقى أربعين يوما ، وتارة تبقى خمسة وأربعين يوما ، فإن بقيت ثلاثين يوما بين حملها بمثلها ، أعني : بعد شهرين وتوضع لثلاثة أمثال ذلك ، أي ستة أشهر ، وأن بقيت خمسة وثلاثين يوما تبين حملها لمثلها ، أعني : سبعين يوما ، وتوضع لثلاثة أمثال ذلك ، أي بعد سبعة أشهر ، وإن بقيت أربعين يوما تبين حملها لمثلها ، أي بعد ثمانين يوما ، وتوضع لثلاثة أمثال ذلك ؛ أي لثمانية أشهر مع أنه قل ما يعيش الولد إذا وضع لمثل ذلك ، وأن بقيت خمسة وأربعين يوما تبين حملها لمثلها أيضا ، أي لثلاثة أشهر ، وتوضع لثلاثة أمثالها ، أي لتسعة أشهر وهو أقصى الحمل.
ونقل المتيطي عن بعضهم : أن أقصى الحمل تسعة أشهر بعد أن ذكر الخلاف في أقصى الحمل هو خمس أو سبع سنين ، أو ثلاث سنين ، أو أربع ، فحكى قولا آخر بأن أقصاه تسعة أشهر.
قال ابن عرفة : وهذا جهل من حاكيه ، ولم يفهم هذا القول ، وإنما قصد قائله بأن أقصى الحمل الطبيعي العادي بالنسبة إلى علم التشريح وإلى ما قلناه ؛ لأنه منهي الحمل الشرعي ، فإن ذلك خلاف أمر ليس هو هنا.
قوله تعالى : (وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً).
قال ابن عرفة : الرؤية إما تعرية ، والمزي هي الإعراض لا الذوات لأنها عند الأصوليين غير مرئية إلا على مذهب من يقول بالهيولى ، قال ابن مالك في المصباح : والاسم إذا أضمر إما أن يؤتى به غائبا أو مخاطبا ، وأما أن يحذف ، ويجرد ، ومذهب التفسير به على مذهب ، قوله تعالى : (وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) [سورة السجدة : ١٢].
قال ابن عرفة : وعندي هذه الآية منه ، فالمقيد هو السكونين والإهماز هو التحري مع عدم الانتقال فحركة الإنسان في محله ولا ينتقل عنه.
قوله تعالى : (وَرَبَتْ).