قال ابن عرفة : يحتمل أن يكون إضراب إبطال ؛ لأن قبلها (وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) ، فهو إبطال لمفهوم هذا ، لأن مفهومه [.....] إتباع المخاطبين وموافقتهم على ما جاء به وإلزامهم حكمه ، إذا نظروا النظر الصحيح السديد ، وتأملوا فيه فأبطل هذا الملازم لكونهم عقلوا ، ولم ينظروا فخالفوا حكمه وكذبوه ، ويحتمل أن يكون إضراب انتقال من حكم إلى حكم ، لقوله تعالى : (أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ هُمْ لَها عامِلُونَ) ، أي أعمال قبيحة ، فإن قلت : ما أفاد قوله تعالى : (لَها عامِلُونَ) ، قلنا : أفاد نفي احتمال كونهم مأمورون بها أو تسببوا في فعل غيرهم لها فنسب إليهم ، فما أن فاعل السبب فاعل المسبب ، فنفى هذا الاحتمال بأنهم عاملون لها حقيقة.
قوله تعالى : (حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ).
قال ابن عطية : حتى حرف ابتداء لا يجر [...] الأولى والثانية : التي هي جواب بمعنى زمن أن يكون حتى غاية لعاملون.
قال ابن عرفة : انظر كيف يمنعان ذلك ، قيل له : ؛ لأن عملهم سابق على أخذهم بالعذاب ، وليس مقارنا له بوجه حتى يقتضي دخول ما بعدها فيما قبلها (لَها عامِلُونَ) ، حين وقت أخذ مترفيهم بالعذاب.
قوله تعالى : (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ).
ومنهم على عدم تدبير مطلق القول ، فيستلزم زمهم على عدم تدبير قول الرسول من باب أجر الصدقة وعلى منزلته.
قوله تعالى : (أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ).
إضافة إليهم.
قال الزمخشري : لمعرفتهم به وكونه نشأ فيهم ، وربا بينهم ، ورده ابن عرفة : بأنه يلزم عليه أن لا يكون رسولهم إلا من عرفوه ، قال : وإنما إضافة لما عليه لهم ؛ لأنه من جنس البشر ، وليس بطائر ، ولا ملك.
قوله تعالى : (أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ).
قال ابن عرفة : وجه مناسبتها لما قبلها أنهم ذموا على إنكارهم رسالته ، مع قيام الدليل المقتضي لصحتها سمعا ، وعقلا ، وقع نفي المانع منها [٥٦ / ٢٧٣] أما الاضطرار ، فقوله تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ) ، وأما الاختياري فبقوله تعالى : (أَمْ تَسْأَلُهُمْ) ، هو جامع أن الكهان والسحرة كانوا يأخذون منهم