وقال ابن عرفة : عدل عن الاستدلال عن عدم اتخاذ الولد ، إذ دليله ظاهر على استدل على وحدانية الله تعالى ، وفي تقرير الاستدلال بهذه الآية إشكال لاقتضائها من لوازم الإله الخلق ، وهو باطل ؛ لأنه يلزم عليه قدم العالم.
قال ابن عرفة : الجواب عن الإشكال ، أن المراد وقوع الخلق بالفعل ، وتقريره في الآية أنه لو فرض تعدد الآلهة مع صميمة وقوع الخلق منهم في الوجود الخارجي للزم عليه استقلال كل واحد منهم بمخلوقه ، وعلى بعضهم على بعض ، واللازم باطل باللزوم مثله بيان الملازمة ، أن الفرض وجود المخلوقات ، فهذه المخلوقات إما أن لا تضاف خلقها لواحد منهم ، وهو باطل ؛ لأنه خلاف الفرض ، أو يكون معدودة للجميع وهو باطل لاستلزامه اجتماع أثرين على مؤثر واحد ، أو تكون مقدورة لأحدهما دون الآخر ، وهو ترجيح من غير مرجح ، فلم يبق إلا أن يضاف بعضها إلى هذا ، فيكون مقدرا له ، وبعضها إلى الآخر والبعض الذي أختص به أحدهما ، إما أن يكون الآخر قادر على إيجاده ، وهو تحصيل الحاصل ، أو على إعدامه فيلزمه التناقض والعجز ، فصح أن كل واحد منهم إله للآخر فيما اختص به عنه ، وهو معنى علو بعضهم على بعض.
قوله تعالى : (سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ).
راجع إلى اتخاذ الولد والأنداد.
قوله تعالى : (فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ).
راجع إلى نسبتهم لشريك الله.
قوله تعالى : (قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ).
يحتمل أن يكون من وعد في الخير ، أو من أوعد في الشر ، وهي هنا من أوعد.
قوله تعالى : (فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).
دعواه بذلك مع عصمته منه لا يقال : إنه تحصيل الحاصل ، بل هو أما من تعليمه لأمته ، أو كما قال الزمخشري : إنه إظهار للتذلل والخضوع ، قال : واقتران الفعل معني دون من ، إما مبالغة النفي ؛ لأن قولك : زيد من الظالمين ، فإنه يقتضي صحبته لهم أعم من أن شريكا لهم في الظلم ، بخلاف قولك : زيد من الظالمين ، فإنه يقتضي مشاركته لهم في وصفهم ، ونفي الأعم يستلزم نفي الأخص.
قوله تعالى : (وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ).