قال إمام الحرمين في الشامل : مذهب أهل السنة ، صحة تعلق القدرة والإرادة بما علم الله عدم وقوعه ، ومذهب غيرهم امتناع ذلك.
قال ابن عرفة : والآية حجة لأهل السنة لاقتضائها عموم تعلق قدرة الله تعالى ، بأن جعل نبيه مبصر الجميع ، ما وعد به من أنواع المهالك في الدنيا ؛ لأن الرؤية بصرية ، وقد مات النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم قبل استيفاء ذلك ، لهلاك جمع كثير منهم ممن ارتد بعد وفاته صلّى الله عليه وعلى آله وسلم على يدي أبي بكر ، وعمر رضي الله عنهما وقد نص الله تعالى على تعلق القدرة بذلك.
قوله تعالى : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ).
المراد إما بالخاصة ، أو بالحالة ، أو بالفعلة التي هي أحسن ، ويتناول الحالة القاصرة والتعدية ، وهو أن يدفع عجزه عن الطاعة بنشاطه وعمله ، وانتقامه لنفسه بعفوه عن الجاني.
قوله تعالى : (نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ).
هذا تسلية له صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، أي افرغ وسعك وقاتلهم بما في كسبك ، وما روى ذلك ما لم يبلغه وسعك وليس فنحن أعلم به ونجاريهم عليه ، وكان بعضهم يأخذ من الآية ترجيح القول بتخفيف العقوية في المسائل التي اختلف في منتهى العقوبة فيها بالكثرة والقلة بنا ، على أن المراد بالأحسن الأخف ، ويحتمل أن يراد الأحسن شرعا فينعكس الأمر ويكون الأحسن الشديد.
قوله تعالى : (مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ).
إما على ... (١) لكل شيطان همزة ، أو لكل شيطان همزات.
قوله تعالى : (وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ).
تأسيس ؛ لأن الحضور أعم من الهمز ، وقد دعا بنفيه ، ونفي الأعم أخص من نفي الأخص.
قوله تعالى : (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ).
أمر وجودي أو عدمي ، فإن كان عدميا ، فالمراد بمجيئه مجيء مليلة الموت ، وأن كان وجوديا فهو عرض من الأعراض ، كما أن الحياة عرض وهي أمر وجودي ،
__________________
(١) طمس في المخطوطة.