قوله تعالى : (فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ).
قال ابن خليل : وفيها دليل على إبطال القول بإثبات الجوهر المقارن ، وهو موجود لا متحيز ولا قائم بالمتحيز ، وجعل من ذلك الملائكة والجن ؛ لأن المفسرين قالوا : المراد بقوله تعالى : (إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ) [سورة الزمر : ٦٨] جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل عليهمالسلام (١) فهم من في السماوات والأرض فجعلها خبرا ، فقال ابن عرفة : يلزمه هذا في العرض ؛ لأنه ليس بمتحيز ، مع أنك تقول : رأيت في هذا البعث وفيه الجوهر والعرض القائم به.
ابن عرفة : فإن قلت : ضل فيها على ابن عصفور ؛ لأنه منع الاشتمال المحمول ، فقال : لا يجوز ، فقال : رأيت القوم إلا رجالا ، فشرط في المستثنى أن يكون معلوما ، قال : والجواب : أن هذا معلوم عند المتكلم ، وأما الممتنع الاستثناء بالجملة المتكلم ، وأيضا فمن الموصولة معرفة ، وفرق بين المعلوم والمعين ، فاستثناء غير المعين جائزا إذا كان معلوما عند المتكلم.
قوله تعالى : (وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ).
قال : يحتمل أن يكون وهي تمر حالا من فاعل تحسبها ، أي تحسبها جامدة حال مرورها كالسحاب ، فيكون الناظر إليها لا يشعر بمرورها كالسحاب ، ويحتمل أن يكون يشعر بذلك فيحسبها أولا جامدة ، ثم يتأمل فيها فيجدها تمر مر السحاب فهو يعتقد الأمرين.
قوله تعالى : (صُنْعَ اللهِ).
يؤخذ منه إطلاق هذه الصفة على الله تعالى ، وقد أطبق المتكلمون على وصفه بها ، فقالوا : باب الكلام في إثبات العلم بوجود الصانع.
قوله تعالى : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها).
أي فله خير من ثوابها ، قلت : لفظ وخير إما فعل أو افعل من ، أي فله ثواب أفضل من ثوابها ، ومن إما سببية أو لابتداء الغاية فله ثواب سببها ، أو ثواب ابتدائها منها ، وهل هذا كقولك : زيد [...] صديقه أمر أو كقولك : زيد [...] عدوه أمر.
__________________
(١) ورد في الحاشية : (الصحيح أن جبريل ينزل إلى الأرض بعد وفاته صلىاللهعليهوسلم في ليلة القدر ويوم الجمعة كما أفاده شيخنا في" درة الربان" شمس الدين محمد الصديقي السكري نفعنا الله به.