والكافر منعم لحديث الإيلاء عن عمر" أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا" (١) ، وقيل : غير منعم ، لقوله تعالى : (إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً) [سورة آل عمران : ١٧٨] وقيل : منعم عليه في ظاهر حاله في الدنيا وغير منعم عليه في عاقبته ولذلك اختلفوا على الخطاب قوله : (وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ) عام في المؤمن والكافر وتنكير نعمة المعموم لا للتقليل أو لا يوصف عطاء الله بالقلة قال : قليلك لا يقال قليل وفي الآية إشارة إلى أن الإنسان [.....] مع الله عزوجل لأن النعمة والضر منه قال تعالى : (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) [سورة النساء : ٧٨] لكنه ذكر النعمة في قوله تعالى : (مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ) وسكت عن الضر إشارة إلى أنه ينبغي للإنسان أن يتأدب مع الله فلا يصرح بنسبه إليه وإن علم أن الكل من عنده ويعتقد أن كل نعمة منه فضل وكل نعمة منه عدل.
قوله تعالى : (وَيَجْعَلُونَ لِما لا يَعْلَمُونَ).
تعميم الضمير إما للأصنام وعوملت معاملة العاقل أو للكفار ، قلت : لا يصح الأول ويلزم عليه التناقض لأن إتيانه بها دليل على أنها لم تعامل الأصنام معاملة من يعقل فنفى ما لم يجرهم مجرى العاقل في الضمير أجراهم مجراه ، فقال : وذلك إن هذا نفس ..... بل هو من كلام الله تعالى لكن ما اشتق سباق الثبوت ما بقائها على أصلها والضمير في يعلمون أتى في سياق النفي فناسب كونه ضميرا من يعقل وإنما يتم السؤال لو أتى في سياق الثبوت.
قوله تعالى : (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ).
قال ابن عرفة : المصدر مضاف للفاعل والمفعول معا أي بظلمهم أنفسهم ، قيل له : بل للفاعل فقط أي بظلمهم غيرهم ، فقال ذلك الغير هو الله ولا يناله من ذلك شيئا ، قال تعالى : (وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً) [سورة آل عمران : ١٤٤] ، قال قل إن ضللت قائما أصل على معنى فإنما المعنى يظلم بعضهم بعضا فهو
__________________
(١) أخرجه البخاري في صحيحه حديث رقم : ٢٣٠١ ، ومسلم بن الحجاج في صحيحه حديث رقم : ٢٧١٢ ، وابن حبان في صحيحه حديث رقم : ٤٢٧٦ ، وأبو نعيم الأصبهاني في المسند المستخرج على صحيح مسلم حديث رقم : ٣١٩٣ ، والترمذي في جامعه حديث رقم : ٣٢٦٠ ، والبيهقي في السنن الكبرى حديث رقم : ١٢٣٦٢ ، وأحمد بن حنبل في مسنده حديث رقم : ٢٢٤ ، وأبو بكر البزار في البحر الزخار بمسند البزار حديث رقم : ٢٢٥ ، وأبو عوانة الإسفرائيني في مسنده حديث رقم : ٣٦٤٥ ، والبيهقي في دلائل النبوة حديث رقم : ٣١٣.