فالمعنى : ومن الناس من يجادل في الله بشيء هو غير علم ؛ لأن المجادل في الله قابل ؛ لأن يستفيد علما بعقله ، كقوله : زيد غير بصير ، ولم يأت به في الثاني ، لأن الدليل في إبطال دين الله المستفاد من العقل أو الكتاب أو السنة منتف غير ثابت في نفس الأمر فنفيه من باب السلب ، مثل الحائط لا يبصر.
قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ).
قال الفخر : هنا الفعل أبلغ من القول.
ابن عرفة : بل بينهما عموم من وجه ، فالفعل أبلغ من القول باعتبار الحصول والقول أبلغ من الفعل باعتبار المتعلق ؛ لأن متعلقه أمر كلي ، ومتعلق الفعل خبر ، أي ولذلك العالم يقتدى بقوله دون فعله ، فإنه يترخص في نفسه بما لا يفتى به لغيره.
قوله تعالى : (قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا).
فرق بعضهم بين وجدوا لقاء بأن الوجدان يكون اتفاقيا على غفلة من غير قصد ولا تقدم شهود ، ومنه وجدان الضالة ، واليقين يقتضي وجدان ما كان ثابتا دائما مستقرا ، قال ابن عطية : الآية دالة على إبطال التقليد ، وأجمعت الأمة على إبطاله في العقائد ، انظر تمامها في البقرة والعقود.
قوله تعالى : (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ).
عداه باللام ، فأجاب : بأن اللام تقتضي الاختصاص والقصد إلى الشيء التي لا تقتضيه.
قال ابن عرفة : فوجه مناسبتها هنا أنه لما كان المخبر عنه فيما قبلها لم يخص به واحد بعينه بل أتى به مطلقا عقبه بحال من حصل منه مطلق استسلام لله تعالى ، فإنه ممدوح ليتناول مدح من اتصف بالنص الاستسلام من باب أحرى ، بخلاف قوله تعالى : (بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ) [سورة البقرة : ١١٢] ، فأتى به خاصا لأجل ما رتب عليه من الثواب الجزيل الذي لهم في هذه القصة إلا بعضه.
قوله تعالى : (مَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ).
قال الظاهر في من إنها شرطية لا موصولة ، تقتضي وجود الموضوع.