عليه في التوحيد أزيد من الإيمان من لم يعرفه بالأدلة ، وفي قول ابن أبي يزيد في الرسالة ، يزيد بزيادة الأعمال ، وينقص بنقصها مسامحة توهم مذهب المعتزلة ، لكن قوله فيكون فيها النقص وبها الزيادة يهدي إلى تأويله.
قوله تعالى : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ).
قال ابن عرفة : نص ابن مالك على أن الجملة إن كانت صحيحة الترادف لما قبلها أو صحيحة التباين له أتى بها موصولة غير مفصولة بحرف العطف ، وإن كانت في مقام المتوسط فلابد من حرف العطف ليزيل الإشكال ، قال : وظاهر كلام سيبويه ، وأكثر النحويين أن الأصل تقديم المبتدأ سواء كان نكرة لها مسوغ أو معرفة ، وظاهر كلام الزمخشري : أن الأصل تأخير إذا كان نكرة ؛ لأنه أورد سؤالا فحاول سورة الأنعام في قوله تعالى : (وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) [سورة الأنعام : ٢] ، قال : لا شيء قدمه والأصل أن يقال : عنده وأجل مسمى ، فأجاب : بأن في تقديمه تعظيما لشأن الساعة.
قوله تعالى : (صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ).
إما أن يراد صدقوا فيما عاهدوا الله عليه ، فيكون حقيقة بمعنى الوفاء بالعهد ، وإن كان المعاهد عليه مصدوقا ، فهي مجاز كقولهم : صدقني من بكرة في رجل اشترى من رجل حمارا ، فقال : إنه بكر ، فلما رأى الإبل صوت بتصويت البكر ، فقال مشتريه صدقني من بكره ، قال الطيبي : يروى برفع النون مجاز ؛ لأنه جعل السن صادقا.
قوله تعالى : (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ).
فسر بوجهين : إما وفاء بعهده ، وإما مات فعلى الثاني لا سؤال ، وعلى الأول يشكل مع قوله تعالى : (صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ ؛) لأن صدقهم دليل على توفيه جميعهم بعهده ، فكيف تقسمهم إلى من وفاء بعهده ومن ينتظر فالمنتظر لم يصدق.
ابن عرفة : إلا أن يقال : إنه وفى بعض وعزم الوفاء بالباء في فهو صادق بهذا الاعتبار.
قوله تعالى : (لِيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ).
قالوا : اللام للصيرورة باعتبار أن فاعل الفعل المعلل غير فاعل للعلة المستفادة ، أو باعتبار الفعل المعطوف عليها وهو ويعذب المنافقين ، قال : وكان بعضهم لما ذكر سبب جزاء الصادقين ، ولم يذكر جزاء المنافقين ، فلم يقل : ويعذب المنافقين بنفاقهم ، فقال : كان يجيب بالتهيج على فعل المأمور به ، واكتفى في النهي عنه بمطلق النهي ، وظاهر كلام ابن عرفة أنه جعله من حذف التقابل.