قال ابن عرفة : الفرق بين قولك : جاء زيد فأكرمته ، وبين قولك : لما جاء زيد فأكرمته ، أن الثاني يقتضي المبادرة بالإكرام ، بخلاف الأول فإن الفاء تكون للتسبيب ، ويتأخر الإكرام عن المجيء.
قوله تعالى : (هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ).
قال الزمخشري : الإشارة إلى العطف أو ... (١) فالمشار إليه معنى مفهوم من السياق وجعله ابن [٦٠ / ٢٩٤] عطية حسيا ، وهو الأحزاب.
ابن عرفة : وعلى هذا يقال : كيف أشار إلى الجمع بلفظ المفرد ، فيجاب بأنه قصد تقليل الجمع وتحقيره ، كقوله تعالى : (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ) [سورة الأنفال : ٤٣].
قوله تعالى : (وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ).
يحتمل أن يكون من تام كلام المؤمنين ، وأن يكون من كلام الله تعالى تقريرا لكلام المؤمنين ، وتحقيقا له فإن كان من كلام الله تعالى فلا شيء فيه ، وإن كان من كلام المؤمنين نفيه دليل على صحة إنكاره صلّى الله عليه وعلى آله وسلم على الخطيب القائل" ومن يطع الله ورسوله فقد رشد ، ومن يعصهما فقد غوى حيث قال له : " بئس الخطيب" (٢) ، أنت قل ومن يعص الله" المصدر سواء لاحتمال اعتقاد التسوية بينهما في المقام.
قوله تعالى : (وَما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَتَسْلِيماً).
الإيمان عند المعتزلة يزيد وينقص ؛ لأن الفعل عندهم جزءا من الإيمان ، وعندنا فيه ثلاثة مذاهب ثالثها أنه يقبل الزيادة ، ولا يقبل النقص.
ابن عرفة : والتحقيق فيه أنه باعتبار ذاته ، وهو التصديق لا يزيد ولا ينقص باعتبار عوارضه يزيد ، فالإيمان من عرف الله بالدليل والبرهان المقابل للقول بالشكوك الواردة
__________________
(١) بياض في المخطوطة.
(٢) أخرجه مسلم بن الحجاج في صحيحه حديث رقم : ١٤٤١ ، وابن حبان في صحيحه حديث رقم : ٢٨٦٨ ، وأبو داود السجستاني في سننه حديث رقم : ٩٢٨ ، والنسائي في السنن الكبرى حديث رقم : ٥٣٤٢ ، والبيهقي في السنن الكبرى حديث رقم : ٥٣٨٣ ، والبيهقي في معرفة السنن والآثار حديث رقم : ١٦١٢ ، وأحمد بن حنبل في مسنده حديث رقم : ١٨٩٥٤ ، وابن أبي شيبة في مصنفه حديث رقم : ٢٨٠٤٠ ، والنسائي في سننه حديث رقم : ٣٢٤٥.