قوله تعالى : (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ).
قال ابن عرفة : هذا الفعل المراد به المعنى لاقترانه بإذ ، وأتى بلفظ المضارع للتصوير.
قوله تعالى : (وَتَخْشَى النَّاسَ).
لا ينبغي حمله على أنه خاف فقط ، بل المراد عناية خلط خوفه من الله تعالى بخوفه من الناس ، وأمره بأن لا يخاف إلا الله فقط غير منسوب بشيء.
قال : وكان بعضهم يقول : عقاب الملك لمملوكه على عدم تصرفه في ماله اعتناء منه به ، وكذلك عتاب الله تعالى نبيه صلّى الله عليه وعلى آله وسلم على إخفائه ما وقع في نفسه وخصه لزيد رضي الله عنه على إمساك زينب رضي الله عنها ، وامتناعه من تزويجها ، فإن الجميع ملك لله تعالى.
قوله تعالى : (زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ).
قال ابن عرفة : احتج الأصوليون على وجوب الاقتداء بالنبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، فيما يثبت فيه خصوصية ، ولو لا ذلك لما احتيج إلى تعليله بنفي الحرج عن المؤمنين ، ومنهم من احتج به على عدم وجوب الاقتداء.
وقال : التعليل بهذا دل على صحة الاقتداء به في هذه القضية فقط ، فالخصوصية ثابتة حتى يدل الدليل على الاقتداء حسبما أشار إليه ابن الحاجب ، وعلى هذا يكون من باب تخصيص العام بحكم العام.
قوله تعالى : (ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ).
أي من نقص.
قيل لابن عرفة : وكذلك ما عمل غيره من الناس من حرج فيما فرض الله له ، أوجب الله له فيما نفى الحرج فيه ، وإن كان معناه فيما قدر الله له فيدخل فيه المباح ، فيكون نفي الحرج عنه لما قد يتوهم في حقه من أنه لعلو منزلته ، قد لا يفعل المباحات [٦١ / ٢٩٦] ويشدد على نفسه فيها كما يشاهد بعض أشراف الناس يتنزه عن أشياء يفعلها غيره.
قلت : وانظر قوله تعالى : (وَقالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ) [سورة الفرقان : ٧] قوله صلىاللهعليهوسلم : " إني أصوم وأفطر وأقوم وأنام وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني".