قيل لابن عرفة : قد قال المفسرون : سبب نزولها [٦١ / ٢٩٦] أن نساء النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ورضى عنهن ، قلن له : قد ذكر الله في كتابه الرجال ولم يذكر النساء ، فنزلت الآية ، فقال : التصريح بذكرهن أدخل في مقام التطمين لنفوسهن.
قوله تعالى : (أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً).
وقال ابن عرفة : كان بعضهم يعارضه بقوله تعالى : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) [سورة هود : ١١٤] ، وهذه الأوصاف كلها محصلة للثواب ، فلم يبق ما يغفر.
قال : وأجيب : بأنها سبب في المغفرة فغفر له نصا.
قوله تعالى : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ).
هذا لنفي القابلية ، وهو الفرق بين قولك : ما يفعل زيد كذا ، وما كان لزيد أن يفعل كذا ، وهو خبر في معنى النهي ، وليس بنفي ولا بخبر حقيقة ؛ لأن زينب رضي الله عنها لما خطبها رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلم لزيد امتنعت هي وأخوها عبد الله ، فنزلت الآية ، فأذعنت وامتثلت أمره ، وكذلك أم كلثوم بنت عقبة لما وهبت نفسها للنبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ورضى عنها ، فيلزم عليه إما الخلف في الخبر أو كون المخالف غير مؤمن ، فلذلك جعلناه نهيا ، وبدأ بالمؤمن ؛ لأنه لا يلزم من امتثال ذلك امتثال المؤمنة لما ورد أن" النساء ناقصات عقل ودين".
قال ابن عرفة : وهذه الآية مما يحسن أن يذكر مثالا للعام المتفق على عدم تخصيصه ، وهو من آية الأحكام.
وقد قال الفخر : عمومات القرآن مخصوصة إلا قوله تعالى : (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
فرده ابن التلمساني بعدم انحصاره في ذلك بل منه ، قوله تعالى : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها) [سورة هود : ٦] ، وقوله تعالى : (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ،) وقوله تعالى : (ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ).
قال : ونقلوا عن ابن الحاجب أنه كان يقول : الأولى تمثيله بآية ينبني عليها حكم متفق عليه ، وذلك قوله تعالى : (وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا) [سورة البقرة : ٢٢١] ، قال : نقله عنه ابن عبد السّلام [.....] فقال : اختلفوا هل يصح أن يتولى المسلم عقد نكاح المشركة من المشرك أم لا؟ والآية محتملة لهذا.