قوله تعالى : (ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَ).
أي أقرب لأن تقر أعينهن ، فقروا أعينهن فيما حصل لهن ، وعدم حزنهن على ما فاتهن ؛ لأن الحزن على فوات الماضي ، والخوف على توقع المستقبل ورضاهن ، فما آتين إشارة إلى من حصل لها منه حظ وحصل لغيرها أكثر منه لا تتشوق إليه ، بل ترضى بما حصل لها ، وإن كان الحاصل لغيرها أكثر ، وكان تأسيس لا تأكيد فيها بوجه.
قوله تعالى : (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ).
ابن عرفة : إن قلت : ما الفرق بينه وبين أن يقال : حرمت عليك النساء؟ فالجواب : أن نفي الحلية تقتضي رفع الإذن ابتداء ولا يستلزم المنع بعد الفعل ، والتحريم يستلزم المنع ابتداء وبعد الفعل فهذا أخف ، فلذلك خوطب به النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم.
قوله تعالى : (وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ).
يحتمل أمرين :
أحدهما : ولا أن تبدل بهن من نسائهم زوجات لغيرك ، فيكون نهيا على ما كانت عليه الجاهلية ، من أن كل من الرجلين ينزل لصاحبه عن زوجته ويتبادلا ، وهو ظاهر قول عيينة بن حصين للنبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم : إن شئت نزلت لك عن أحسن نساء العرب جمالا.
وإن كان ابن عطية قال : ليس بمبادلة ولكنه اختص عائشة رضي الله عنها.
ابن عرفة : فيكون على هذا نهيا أخص وإطلاق الأزواج هنا حقيقة.
الثاني : أن المعنى ولا أن تبدل بهن من نساء تتزوجهن بإطلاق الأزواج ، هنا مجازا باعتبار إلى الأمر.
وما حكاه ابن عطية من أنه نظر إلى أسماء بنت عميس ، وأعجبته لم يرد في الصحيح ، والمحل ضيق [٦١ / ٢٩٧] فلا ينبغي نقله.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ).
قال ابن عرفة : اقتضت الآية النهي عن دخول بيوت النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم للإقامة فيها.