من كنوز الجنة ، والكنز من شأنه الخفاء ، فرده ابن عرفة بقوله تعالى : (وَلَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ) [سورة الكهف : ٤٠].
قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ).
ابن عرفة : كل واحد منهما لصاحبه آت كقوله تعالى : (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ) [سورة الجمعة : ٨] ، لكن الصواب استناد الإتيان إلى الموجود ، وهو الذين كفروا ؛ لأن الساعة معدومة.
قوله تعالى : (عالِمِ الْغَيْبِ).
ابن عرفة : لا خلاف أن العلم القديم لا يختلف ، وفي الحادث خلاف ، فإن قلنا : أنه يتفاوت بالمبالغة في العلم القديم بالنسبة إلى العلم الحادث.
وإن قلنا : لا يتفاوت ، فالمبالغة باعتبار متعلقه ، فإن قلت : ما أفاد قوله (لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ) ، مع أن (عالِمِ الْغَيْبِ) يكفي عنه؟ فالجواب : أن هذه المذكورات إن كانت كبيرة الجرم فهي ظاهر معلقة فعزوبها عن المخلوقات ، إنما هو حالة كونها في الغيب لم تخلق ولم تظهر للوجود ، فدخلت في قوله تعالى : (عالِمِ الْغَيْبِ) ، إن كانت موجودة فعزوبها ، إنما هو باعتبار رجوعها. [٦٢ / ٣٠٠] في خفية عن أعين الناظرين لا تخفى على الله.
قوله تعالى : (إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ).
انظر تعقب أبي حيان على الزمخشري.
وقال ابن عرفة : الصواب أن هكذا من تأكيد المدح بما يشبه الذم.
كقول النابغة :
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم |
|
بهن فلول من قراع الكتائب |
قوله تعالى : (وَيَهْدِي إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ).
وجه مناسبة القراءة هنا أن (الْعَزِيزِ) هو الذي لا يمانع ، فإما أن تراد أن كلامه لا يقدر أحد على ممانعته ، وإما أن يكون أشار إلى أنه لا تهتدي إلى المطالب القلبية الخفية الممتنعة عن الإدراك إلا به ، و (الْحَمِيدِ) إشارة إلى حمده هذه النعمة العظيمة التي أنعم بها ، وهو القرآن العظيم الهادي إلى طريق الحق.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ).