وأجاب الزمخشري : بأنه لما كان معنى قوله تعالى : (وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) ، وفعل الذين من قبلهم وأقدموا عليه جعل تكذيبهم الرسل سببا عنه ، ونظيره أقدم فلان على الكفر فكفر بمحمد صلّى الله عليه وعلى آله وسلم.
قوله تعالى : (مَثْنى وَفُرادى).
إن قلت : قدم (مَثْنى) على (وَفُرادى) وكان العكس ، فالجواب : أن مفعول التكذيب بالنظر والاستدلال مع الجماعة أقرب من حصوله حالة الانفراد ، والآية خرجت مخرج الوعظ والتذكير ، فكان تقديم الاثنين من الواحد.
قوله تعالى : (قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ).
إما أن يقتضي النفي ، أي أني لا أسألكم عليه أجرا إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا ، وفي الآية دليل بجواز أخذ الأجرة على رواية الأحاديث.
وفيه خلاف حكاه ابن الصلاح ، قيل : تجوز ، وقيل : لا تجوز ، واختار بعض المتأخرين إن كان يشغله عن معانيه فجائز ، وإلا لم خبره ، وأما الحديث الواحد فلا يجوز أخذ الأجرة على تبليغه ، وانظر بما تقدم في أخر سورة البقرة ، ووجه الدليل من هذه الآية أن الأصل الناشئ حين يدل الدليل على التخصيص ، والنبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم لا يتوهم سؤاله إلا عن ما هو جائز.
قوله تعالى : (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ).
إن أريد بالشهادة مجرد العلم والكشف والإطلاع فهو عام باق على عمومه ، ويكون فيه دليل على تعلق علمه بالجزئيات والكليات ، وإن أريد بها الشهادة الملزومة للمجازاة مستثنى ، فلا يصح كونه بدلا ، وأيضا فقد فرقوا بين العطف على مواضع أن ، وبين العطف على مواضع إن واسمها ، فالعطف على مواضع اسمها لا يجوز عند الأكثر ، لعدم المحرز لأن الرفع امتنع بدخول إن والعطف على موضعها هي واسمها جائز ، لأن موضعها رفع ، فالصواب : أن (عَلَّامُ) خبر ابتداء مضمر ، أي هو علام ، والمبالغة إما باعتبار كثرة معلوماته ، أو باعتبار الكيفية ، وأنه في النهي درجات العلم.
قوله تعالى : (قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ).
يحتمل أن يكون فيه حذف التقابل.
قوله تعالى : (قُلْ جاءَ الْحَقُ).
يبدئ الباطل ويعيد ، وزهق الباطل وما يبدئ وما يعيد.