١٩٦] ، بعد ذكر ثلاثة وسبعة ، لئلا يتوهم إرادة الإباحة ، والمعروف من كلام النحويين أنه لو قيل : جالس الحسن وابن سيرين كان أمر بمجالسة كل منهما ، وجعلوا ذلك فرقا بين العطف بالواو والعطف بأو.
الثالث : يكون معناها في التخيير.
قاله بعضهم في قوله :
قالوا نأت فاختر من الصبر والبكا |
|
فقلت البكا أشفى إذا لغليلي |
فقال : معناه أو البكاء إذ لا يجتمع مع الصبر ، ونقول : أن الأصل فاختر من الصبر والبكاء ، أي أحدهما ، ثم حذف من كما في قوله تعالى : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ) [سورة الأعراف : ١٥٥] ، ويؤيده أن بها على القاف من.
وقال الشاطبي في باب البسملة ، وقيل : وأسكتني ، فقال شارحوا كلامه : إفراد التخيير ثم قال محققوهم : ليس ذلك من قبل الواو ، بل من جهة المعنى ، وقيل : إن شئت.
قال أبو شامة : وزعم بعضهم : أن الواو تأتي للتخيير مجازا.
قوله تعالى : (لِلنَّاسِ).
إن قلت (١) : ما أفاد ، قلت : لأن الفتح المطلق لا حسد فيه ، وإنما يحسد في الفتح في شخص معين.
قوله تعالى : (وَما يُمْسِكْ).
قال شيخنا ابن عرفة : يؤخذ منه أن العدم الإضافي السابق متعلق للقدرة ، وجعله بعض الأصوليين متعلقا للإرادة.
قوله تعالى : (مِنْ بَعْدِهِ).
إن قلت : ما أفاد وهو خص بالقسم الثاني دون ، فالجواب : أنه إشارة إلى ما قرره المتكلمون : من أن ما أراد الله تعالى كونه فلابد من وقوعه باتفاق بين الجميع ، ولذلك لم تحتج إلى تأكيد الأول بقوله (مِنْ بَعْدِهِ) ، ولم يرد وقوعه ، فنحن نقول : لا يقع أصلا وفريق من المعتزلة يقولون بصحة وقوعه ، لأن العبد عندهم يخلق أفعاله ، والله
__________________
(١) أورد المصنف في الحاشية : ما يفتح له.