زاد هنا عظاما وأسقطها في سورة ق ، فقال تعالى (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ) [سورة ق : ٣] ، [٦٤ / ٣١٣].
فأجاب بعضهم : بأن هذا كلام ابتدأ به المسلم ، فقال (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً) ، يجيء ويبعث ؛ فأنكر ذلك عليه قوله ، وأعاد كلامه على ما هو عليه بأداة الإنكار ، والمسلم كلام النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم أن عظام بني آدم كلها تفنى إلا عظم الذنب ، وهو قدر بغرز إبرة ؛ فلذلك قال : (عِظاماً) في سورة ق حكاية عن كلام كافر ابتدأ من غير أن يتقدمه شيء.
قوله تعالى : (فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ).
قال المفسرون : إنما عرفه بعد مدة طويلة. ،
ابن عرفة : عادتهم يقولون : العطف بالفاء يقتضي التعقيب ، وأجابوا : بأنه دله ولم يعرفه ، ثم عرفه بعد مدة طويلة ؛ كما تنظر صاحبك في السجن ، فقد تبدلت سجيته وتغيرت حاله ؛ فما تعرفه إلا بعد التأمل ، وتكرار النظر.
قوله تعالى : (قالَ تَاللهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ).
كان بعضهم يقول : هذا دليل على أن القياس التمثيلي المستعمل في الكلام ؛ لأن المعنى قاربت أن ترديني على مثل دينك ؛ وقد نزل بك العذاب ؛ فكان يترك في مثل ما نزل بك ؛ والقسم بالتاء للتعجب.
قوله تعالى : (وَلَوْ لا نِعْمَةُ رَبِّي).
أي : شاملة لنا.
قوله تعالى : (أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى).
ابن عرفة : ظاهر الآية يقتضي ما قال المفسرون ؛ لأن الاستفهام بمعنى التقرير يصيرا المنفي مثبتا ، والمثبت منفيا ، مثل (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ) [سورة الفجر : ٦] ، فيقتضي إثبات الموت والعذاب ؛ أي نحن ميتون غير الموت الأول ومعذبون ، وليس المراد تلك ، فلابد من إضمار ، بل المعنى : نحن مبعوثون غير ميتين غير الموت الأول ومعذبون ، فلم تدخل أداة الإنكار على المنفي ، بل على مثبته ، ونفي العذاب يستلزم نفي الأحيان.
قوله تعالى : (إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ).