هذا تعليل لكونها مثبته لا سيما إن كانت جعل بمعنى خلق ، وفيه إبطال للقول بوجوب مراعاة الأصلح.
فإن قلت : هلا قال : إنها شجرة تنبت في أصل الجحيم.
قلنا : عادتهم يجيبون : بأن النبات فيه إشعار بالماء والتراب ؛ وهو أقرب للمعجزة ؛ لأنه نبات أخضر رطب فيما يناقضه وهو النار.
قال ابن عرفة : وهذه الشجرة يحتمل أن تكون واحدة بالنوع ؛ فتكون على جهة من جهات جهنم فيها شجرة ، أو تكون واحدة بالشخص.
قوله تعالى : (طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ).
الزمخشري : هذا استعارة إما لفظية أو معنوية.
قال الطيبي : اللفظية جعلك الشيء نفس الشيء وليس به ، وهو أن يطلق اسم المشبه على المشتبه به من غير الأول أداة تشبيه ، مثل : رأيت أسدا تريد رجلا كالأسد ، والمعنوية جعلك الشيء للشيء وليس له ، كقولك : إذا أصبحت بيد الشمال زمامها فهذا مدع أن للريح الشمال يدا ، وللسحاب زمام ، وأيضا خفى الأول بحسن الرجوع للتشبيه ، فيقال : رأيت رجلا كالأسد ، وفي الثاني لا يحسن ذلك ، فقال : ... (١) أما اللفظية فهي أن المطلع موضوع لحمل الشجرة مع قصد أن تكون نخلة باستعمال هنا غيرها ، كالرسن ، فإنه موضوع للأنف بشرط أن يكون فيه رسن ، فإذا استعمل في أنف الإنسان كان مجازا لفظيا ، وللمعنوي هو أن يشبه حمل تلك الشجرة بالطلع الحقيقي تشبيها بليغا ، ثم يطلق على ذلك الحمل اسم الطلع ؛ فاستعير لحمل شجرة الزقوم اسم الطلع ، وشبهه برؤوس الشياطين ، وفي المرئ بينهم بالقول.
كقول امرئ القيس :
أيقتلني والمشرفيّ مضاجعي |
|
ومسنونة زرق كأنياب أغوال |
ولم تر الغول ولا أنيابها |
فهذا حاصله.
قال ابن عرفة : وعادتهم يقررونه قبل وصول كتاب ، الطيبي لنا : بأن الاستعارة على ما قال ابن مالك في استعمال اللفظ في غير موضوعه ؛ كضرب من التأويل ؛
__________________
(١) كلمة غير واضحة في المخطوطة.