فإن قلت : هل ينتفع ب (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) ، في مسألة علمه بالجزئيات؟
فقلت : نعم.
قوله تعالى : (وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ).
قال الشيخ ابن عبد السّلام : يدخل في هذا جميع من كذب على الله من أكثر الفقهاء ، إذا لم تحكم بمستند التنزيل وهو الداء إذا لم يستحقها.
قيل : هل في الآية دليل على تكفير من يكفر بالذنب ؛ لأنه سجل عليهم بوصف الكفر ، فقال : قد لا يؤخذ ذلك وقد يؤخذ ، قيل له : قوله تعالى : (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ) ، وهل فيه حذف الفاعل تقديره : والذي جاءوا فيكون المراد بالذي الجنس ، فقال : ما ذكرته إنما يصح إذا جاء بالموصول مجموعا ، فحينئذ تؤتى بالصلة مفردة حذفا لما ذكرت ، وهنا ليس كذلك فليس من ذكر الباب ، وإنما المراد بالذي الجنس ، دليله قوله تعالى : (أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) قيل : هل يتناول العصاة أولا؟ فقال : لا لأنه يلزم عليه أن يكونوا موعدين بأن لهم ما يشاء عند ربهم ، وذلك باطل إجماعا.
قيل له : أجمع أهل السنة على أنهم لا بد لهم من الجنة ، فقال : وأجمع المسلمون ما عدا الجبرية على دخول طائفة النار ، وإلا فيلزم أن يوصف ذو الكبيرة بالرحمة ، وأنه يعبد الله كأنه يراه ، وذلك باطل بالإجماع.
قوله تعالى : (أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا).
قال : لما كانوا في غاية الورع كانت تصدر منهم بعض الحسنات يعدونها سيئات ، وليست بسيئة ، وإنما هي حسنة ، وليس المراد بقوله (أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا) أسوأ السيئات ، وإنما المراد التشبيه في اعتقادهم أنها سيئة.
فإن قلت : لم قال هنا (بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) ، وقال تعالى في النحل (بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) [سورة النحل : ٩٦] ، قلت : في النحل تقدم ذكرها ، وهنا تقدم ذكر الذي في قوله (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ).
قوله تعالى : (وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ).
قيل : له قوله تعالى : (وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ) ، هل كقوله في الحديث : " لهم فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت" ، بالنقيض أم لا؟ فقال : لا لأنه إنما نفى ما لم يحتسبوه ، وإلا فهو محسوب عند غيرهم ، لأنه من جنس ما يقع منهم ،