قدم المجرور للحصر إما للتشريف ، وإما لأجل الآي ، وإما باعتبار تقابله.
قوله تعالى : (يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ).
ابن عطية : قيل : هو كتاب الله.
ابن عرفة : فعلى هذا يكون في القرآن حسن وأحسن منه وفيه خلاف ، هل يصح أن يقال : بعض العذاب أعظم من بعض؟ أو أوضح من بعض؟ وهو بمعنى لفظ القرآن بالعجز ، وإنما معناه القديم الأزلي فلا تجوز فيه ذلك بإتقان ، وإما أن يراد بأحسنه أبينه ؛ وهو عند المتشابه ، وأما تعليم التكاليف التي عليها الثواب عند المباح الذي لا ثواب فيه.
قوله تعالى : (أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ).
ابن عرفة : هذا من باب إطلاق المسبب على السبب ، لأن المراد : فمن دام على الكفر وضمير (عَلَيْهِ) فأنت تنقله عنه وتصرفه إلى الإيمان ، فالكفر سبب في العذاب ، والإيمان سبب في الإبعاد.
قال ابن عطية : وأسقط الثاني في الفعل إما للفصل ، مثل : حضر القاضي اليوم امرأة ، وإما لتأنيث الكلمة غير حقيقي.
ابن عرفة : كان بعضهم يقول : وإما لأن العذاب مذكور ، فتوحي إضافة الكلمة إليه ؛ لأنه الأهم المقصود بالذات.
قوله تعالى : (لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ).
[٦٦ / ٣١٩] يحتمل أن يريد من فوقها غرف لهم أيضا ، كما ورد" أن أهل الجنة يرون الغرف كما ترون الكوكب الدري في السماء" ، والظاهر الأول إذ به تتم النعمة ، والأنهار تجري من تحت الجميع ، أو تجري تحت الغرف العليا كما تجري تحت السفلى ، فهو أكمل في باب النعمة.
قوله تعالى : (مَبْنِيَّةٌ).
ابن عرفة : وكان بعضهم يقول : بل هو إشارة إلى وجودها الآن ، وأنها مخلوقة خلافا لمن أنكر ذلك.
قيل لابن عرفة : أو هذا إشارة إلى تنويعها إلى أصناف من الذهب والفضة والياقوت والزبرجد ، كما أن البناء في الغرف يتنوع إلى الحجر والجص والجير ، فليس الحائط كله زجاجا خالصا ، ولا ذهبا خالصا ، وإنما هو منوع فهو أعظم وأعجب.