قال : وفي الآية دليل على وجوب النظر ، قال : والتعبير بلفظه أن فعلهم حتى كأنه غير واقع منهم اعتبار بالأمر الشرعي لا العادي مثل صاعقة وثمود.
قال ابن عرفة : إن كانت صاعقة ثمود مثل صاعقة عاد لزم التكرار من غير فائدة ، وإن كانت مخالفة لها لزم مماثلة الشيء بواحد لأمرين مختلفين وهو باطل ، قال : والمثلان عند الفقه باعتبار العادة هما المتساويان في الأمور الأعمية من جميع الوجوه ، وعند المتكلمين هما المتفقان في صفات النفس وإن اختلفا في الأمور الأعمية فإن كانت هذه الصاعقة فلأنها في تشبيهها بصاعقة ثمود ، وإن كانت مماثلة لأحدهما ومخالفة للأخرى فلا يصح التشبيه ، قال : وتقدم الجواب بأن التعدد في التشبيه مبالغة في تأكد العذاب وتكرره ، وإنه يحل ببعضهم صاعقة كصاعقة عاد ، ويحل ببعضهم أخرى كصاعقة ثمود.
قلت : فالمماثلة في وقوع الصاعقة من حيث كونها آية والمخالفة في صفتها.
قوله تعالى : (إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ).
ابن عطية : أي في أول تكليفهم ، (وَمِنْ خَلْفِهِمْ) أي في آخر عمرهم.
الزمخشري : (مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ) أي من بين أيدي الأمم ومن خلفها الرسل المرسلين إليهم ، أي جاءتهم رسل بعد رسل.
قوله تعالى : (لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً).
ابن عرفة : الصواب تفسير لها أي لو شاء الله إرسال الرسل لأنزل ملائكته لكنه لم ينزل فلم يرسل رسلا.
ولكن كما قال أبو حيان : لما صح الاستثناء لأنه يكون التقدير : لكنه لم ينزل ملائكة فلم يرسل إلينا ملائكة ، والعرض أنه كذلك وقع فلم يتم له ، فالصواب أنه يرد مفعول بشاهد غير جواب لواو لازمة.
قوله تعالى : (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً).
قال ابن عطية : (صَرْصَراً) هو من صرّ يصرّ إذا صوّت صوتا يشبه الصاد والراء ، وكذلك يجيء صوت الريح أكثر الأوقات.
قال ابن عرفة : قالوا : الطباق هو موافقة اللفظ للمعنى إما في الإفراد ، كقولهم : صرصر الباري وصرصر الحداب ، وإما في التركيب ، كقوله تعالى : (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) [سورة الليل : ١ : ٤]