قلت لابن عرفة : قوله بعد ثبوتها مع أن قوله فتزل قدم يعني عنه ، فأجاب بوجهين الأول : إنه مبالغة في التنفير عن ذلك ، الثاني : إن الواقف المعتمدة على أحد قدميه لا يقع إلا إذا زالت قدمه التي اعتمد عليها وأما إذا زالت الأخرى فلا يقع فهو إشارة إلى أنهم زالوا عما كانوا ثابتين عليه معتمدين.
قوله تعالى : (وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً).
ابن عرفة : الثمن في الاصطلاح مشترى به لا مشترى فكذلك جعل الزمخشري تشتروا بمعنى تستبدلوا أو عهد الله.
قال الزمخشري : هو إبيان البيعة لأن قوما من أسلم بمكة أحبوا أن ينقضوا ما بايعوا عليه النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم فثبتهم ، وقال ابن عطية : المراد به ما عهد الله بعباده من النهي عن الرشاء وأخذ الأموال على فعل ما يجب على الأخذ ، ورده ابن عرفة : لكن هذا أعم يتناول ما قال الزمخشري وغيره : فالحاصل أن المراد بها النهي عن فعل ما يجب تركه أو النهي عن ترك ما يجب فعله.
قوله تعالى : (ثَمَناً قَلِيلاً).
يريد باعتبار كميته وحاله فقد يكون كثيرا في كميته وحقيرا في ماله ، وهو جميع عرض الدنيا.
ابن عرفة : وهذا النعت تقليل إن كان للبيان ولإزالة الاشتراك فيلزم المفهوم وهو أنه قد يكون ما يشترونه بعهد الله ثمنا كثيرا فلم ينهوا عنه وإن لم يكن كذلك لمجرد التأكيد قال : وأجيب بأنه للبيان ومنع من المفهوم.
قوله تعالى : (إِنَّما عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ).
من كل ما سواه وخير هنا فعل أو أفعل وعلى كل تقدير فلا يلزم منه مفهوم ، قوله تعالى : (ما عِنْدَكُمْ) بنقد عبر عنه بالفعل لأن انتفاءه وهو التغير والزوال والبقاء صفة ثبوتيه دائمة زمنين فصاعدا فناسب التغيير منها بالاسم.
قوله تعالى : (وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ).
قلت لابن عرفة : لما عبر عنهم بالفعل وهم ثابتون على حالتهم فقال : تثبيتها على سعة رحمة الله تعالى ، وإن من اتصف بمجرد الصبر زمنا ما فله أجره.
قوله تعالى : (بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ).