قوله تعالى : (وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما) نظر هل يتناول هذا ابن النفي قال : إن حملت التربية على آخر الحمل والنفقة عليه حينئذ فلا يتناول إلا ابن الولادة وإن حملناها على العموم فيتناوله.
قوله تعالى : (وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها) فيه وجهان الأول أنه من قام السبب مقام المسبب والتقدير ، وإما تعرض عنهم لاعتبارك لأن إعراضه إنما هو لاعتباره لا لانتفاء الرحمة ، وإما أن في الكلام تقديما وتأخيرا أي وإما تعرضن عنهم فقل لهم قولا ميسورا انتفاء الرحمة من ربك.
قوله تعالى : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ).
هذا تمثيل في المعنى البخل ستنتج كقول" العائد فيه كالكلب يعود في قيئه" كل ذلك ينفي عن الاتصاف بهذه الصفات ، قلت لابن عرفة : ظاهر الآية النهي عن هذا البخل لأن على اليد إلى العنق هو النهاية وإنما كان يتناول مطلق البخل لأنه لو قيل : لا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك فقال بل يتناول مطلق البخل ، وشبهة بغل اليد إلى العنق استقباحا للبخل قل أو أكثر.
قوله تعالى : (وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ).
يتناول النفقة المحرمة أصلا كشراء الخمور ، والمحرمة بعارض كشراء القصور بدينار كبير.
قوله تعالى : (فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً).
ابن عرفة : هذا لف ونشر فاللوم راجع إلى البخل لأن الإنسان يلام على عدم النفقة ، ولم يقل مذموما ليتناول ذلك النهي عن البخل بالواجب ، وبغيره ، وقوله محسورا راجع إلى النهي عن بسط اليد لأنه إذا بالغ في بسطها يقل درهمه ورزقه ويتغير عليه فيبقى محسورا.
قال ابن عرفة : وانظر قال في سورة تبارك الفرقان : (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا) وإن كان بين ذلك قواما فبدأ هنالك بالسرف في النفقة وهو بسط اليد ، وبدأها هنا بالبخل.
قال ابن عرفة : وعادتهم يجيبون أن سورة الإسراء مشتملة على جملتين اقتضاء النهي والأعم والأغلب في البخل والشح فهو أحق وهم بأن تقدم النهي ، فقدم نفي ذلك لأنه هم هنالك والآية خرجت مخرج المدح دليل مقدم فيها ما سواهم في المدح ،