(لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ) : أي الأمور التي تهمهم.
(فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ) ؛ وامنع من تشاء على حسب ما تقتضيه المصلحة التي تراها.
ثم أرشده الله سبحانه إلى الاستغفار لهم بقوله : (وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ) : فيه إشارة إلى أن الاستئذان ، وإن كان بقدر مسوغ ، فلا يخلو عن شائبة تأثير أمر الدنيا على الآخرة.
(إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٦٢)) : أي كثير الرحمة والمغفرة بالغ فيهما إلى الغاية التي ليس وراءها غاية.
قال المفسرون : كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا صعد المنبر يوم الجمعة وأراد الرجل أن يخرج من المسجد لحاجة أو عذر ، لم يخرج حتى يقوم بحيال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث يراه ، فيعرف أنه إنما قام ليستأذن فيأذن لمن شاء منهم.
قال مجاهد : وإذن الإمام يوم الجمعة أن يشير بيده.
قال الزجاج : أعلم الله أن المؤمنين إذا كانوا مع نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما يحتاج فيه إلى الجماعة لم يذهبوا حتى يستأذنوه ، وكذلك أن يكونوا مع الإمام لا يخالفونه ولا يرجعون عنه في جمع من جموعهم إلا بإذنه ؛ وللإمام أن يأذن وله أن لا يأذن على ما يرى ، لقوله : (فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ).
قال العلماء : كل أمر اجتمع عليه المسلمون مع الإمام لا يخالفونه ولا يرجعون عنه إلا بإذن (١).
__________________
(١) انظر : الطبري (١٨ / ١٧٧) ، وابن الجوزي (٦ / ٦٨) ، وابن كثير (٦ / ٩٦) ، والفراء (٢ / ٢٦٢) ، وابن عطية (١٠ / ٥٥٦).