لأبي روحة ، وتلك الأجزاء الثلاثة التي يرويها محمد بن ثور عن ابن جريج.
ثم وجدت من ذلك موسوعات من الكتب المؤلفة في التفسير ، جمعت كل ما وقع لأصحابها من التفسير المروي عن النبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه وتابعيهم ، كتفسير ابن جرير الطبري.
ويلاحظ أن ابن جرير ومن على شاكلته ـ وإن نقلوا تفاسيرهم بالإسناد ـ توسعوا في النقل وأكثروا منه ، حتى استفاض وشمل ما ليس موثوقا به ، كما يلاحظ أنه كان رجال من المحدثين يبوبون للتفسير في مصنفات الحديث التي جمعوها ، وهؤلاء كانوا بعد عصر ابن جرير ، ومن على شاكلته ، ثم وجد أقوام بعدهم دونوا التفسير بالمأثور دون أن يذكروا أسانيدهم في ذلك ، وأكثروا من نقل الأقوال في تفاسيرهم وبدون تفرقة بين الصحيح وغيره ، مما جعل الناظر في هذه الكتب لا يركن لما جاء فيها ، لجواز أن يكون من قبيل الموضوع المختلق ، وهو كثير في التفسير.
بعد ذلك تغيرت الاتجاهات ، فبعد أن كان التدوين في التفسير لا يتعدى المأثور فيه ، تعدى إلى تدوين التفسير بالرأي على تدرج فيه.
وبهذا علمنا مما تقدم أن التفسير بالمأثور يشمل ما كان تفسيرا للقرآن بالقرآن ، وما كان تفسيرا للقرآن بالسنة ، وما كان تفسيرا للقرآن بالموقوف على الصحابة أو المروي عن التابعين.
أما تفسير القرآن بالقرآن ، أو بما ثبت من السنة الصحيحة ، فذلك مما لا خلاف في قبوله ؛ لأنه لا يتطرق إليه الضعف ، ولا يجد الشك إليه سبيلا.
وأما تفسير القرآن بما يروى عن الصحابة أو التابعين ، فقد تسرب إليه الخلل وتطرق إليه الضعف ، ولو لا أن قيض الله لهذا التراث العظيم من أزاح عنه هذه الشكوك ، فسلم لنا قدر لا يستهان به وإن كان ضعيفها وسقيمها ما يزال خليطا في كثير من الكتب التي عني أصحابها بجمع شتات الأقوال.
وترجع أسباب الضعف في رواية التفسير بالمأثور إلى أمور ثلاثة :
أولها : كثرة الوضع في التفسير.
ثانيها : دخول الإسرائيليات فيه.
ثالثها : حذف الأسانيد.
٢ ـ التفسير بالرأي ، هو التفسير القائم على الاجتهاد ، وقد اختلف العلماء حوله (١)
__________________
(١) انظر حول مسألة التفسير بالرأي ـ باتساع بين مجيزين ومانعين وهو ما اختصرناه هنا ـ في مناهل العرفان (٢ / ٣٦).