ورواية حفص عن عاصم.
والطريق للذي يأخذ عن الراوي.
ولما رأى الإمام أبو بكر بن مجاهد (ت ٣٢٤ ه) تشعب القراءات وكثرة القراء دفعته الغيرة على كتاب الله إلى اختيار سبعة من أئمة القراءات خلفوا في القراءة التابعين ، وأجمع على إمامتهم في القراءة عامة القراء.
وقد اختارهم من خمسة أمصار إسلامية هي الأمصار التي حملت عنها القراءة في العالم الإسلامي ، وهي : المدينة ومكة والكوفة والبصرة والشام.
ولا يعني هذا الاختيار أن قراءة غيرهم لا تجوز ، لكن هؤلاء عرفت قراءتهم واشتهرت.
ولكن إمام من هؤلاء القراء راويان مشهوران حملا القراءات عنه وعرفا بذلك. أما قارئ أهل المدينة : فأبو عبد الرحمن نافع بن أبي نعيم المدني ، وراوياه : عيسى بن مينا المعروف بقالون ، وعثمان بن سعيد الملقب بورش. وقارئ أهل مكة : أبو سعيد عبد الله بن كثير المكي ، ومن رواته : أبو الحسن أحمد بن القاسم البزي ، وأبو عمر محمد المعروف بقنبل ، أما الكوفة ففيها ثلاثة قراء : أبو بكر ، عاصم بن أبي النجود ، وروى عنه أبو بكر ، شعبة بن عياش ، وحفص بن سليمان الكوفي ، وفي الكوفة أيضا : أبو عمارة حمزة بن حبيب الزيات ، وراوياه : خلف بن هشام البزار وأبو عيسى خلاد بن خالد الكوفي ؛ وفيها أيضا : أبو الحسن علي بن حمزة الكسائي ، وراوياه : حفص بن عمر الدوري ، وأبو الحارث الليث بن خالد. وقارئ أهل البصرة : أبو عمرو بن العلاء البصري المازني ، وراوياه : أبو شعيب السوسي ، صالح بن زياد ، وحفص الدوري وهو أحد راويي الكسائي أيضا ، وآخرهم وأقدمهم مولدا : عبد الله بن عامر اليحصبي ، قارئ أهل الشام ، وراوياه : هشام بن عمار ، وعبد الله بن ذكوان.
وبما قدمناه أرى أننا ركزنا على القرآن الكريم وتفسيره وتأويله وقراءاته ، وهذا هو ما يصادف قارئ كتاب الزجاج الذي بين أيدينا.
القرآن الكريم وتأثيره في اللغة العربية :
كان نزول القرآن الكريم بالعربية الفصحى أهمّ حدث في مراحل تطوّرها ؛ فقد وحّد لهجاتها المختلفة في لغة فصيحة واحدة قائمة في الأساس على لهجة قريش بعد تصفيتها من شوائبها والاقتصار على الصحيح منها ، وأضاف إلى معجمها ألفاظا ، وأعطى لألفاظ أخرى دلالات جديدة. كما ارتقى ببلاغة التراكيب العربية. وكان سببا في نشأة علوم اللغة العربية كالنحو والصرف والأصوات وفقه اللغة والبلاغة ، فضلا عن العلوم الشرعية ، ثمّ إنه حقّق للعربية سعة الانتشار والعالمية.