مما يدعو إليه الشيطان ويأمر به لأنه لا يأمر إلا بالمعاصي ولا ينهى إلا عن الطاعات.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ (٩٤))
(لَيَبْلُوَنَّكُمُ) فيه تأويلان : أحدهما : معناه ليكلفنكم ، والثاني : ليختبرنكم قاله قطرب والكلبي.
(مِنَ الصَّيْدِ) قولان : أحدهما : أن من للتبعيض في هذا الموضع لأن الحكم يتعلق بصيد بردون البحر ، وبصيد الحرم والإحرام دون الحل والإحلال ، والثاني : أن من في هذا الموضع داخلة للتجنيس نحو قوله : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ) [الحج : ٣٠] قاله الزجاج.
(تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ) فيه تأويلان ، أحدهما : ما تناله أيدينا البيض ، ورماحنا الصيد قاله مجاهد ، والثاني : ما تناله أيدينا الصغار ورماحنا الكبار قاله ابن عباس.
(لِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ) فيه أربعة تأويلات أحدها : أنّ معنى ليعلم ليرى فعبّر عن الرؤية بالعلم لأنها تؤول إليه قاله الكلبي. والثاني : معناه ليعلم أولياء الله من يخافه بالغيب. والثالث : معناه ليعلموا أنّ الله يعلم من يخافه بالغيب. والرابع : معناه ليخافوا الله بالغيب والعلم مجاز.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (٩٥))
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : يعني الإحرام بحج أو عمرة قاله الأكثرون.
والثاني : بالمحرم الداخل إلى الحرم ، يقال أحرم إذا دخل الحرم ، وأتهم إذا دخل تهامة ، وأنجد إذا دخل نجدا ، ويقال أحرم لمن دخل في الأشهر الحرم قاله بعض أهل البصرة.
والثالث : أنّ اسم المحرم يتناول الأمرين معا على وجه الحقيقة دون المجاز من أحرم بحج أو عمرة أو دخل المحرّم ، وحكم قتل الصيد فيهما على حد سواء بظاهر الآية قاله أبو علي بن أبي هريرة.
(وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً) فيه قولان : أحدهما : متعمدا لقتله ناسيا لإحرامه قاله مجاهد وإبراهيم وابن جريج ، والثاني : متعمدا لقتله ذاكرا لإحرامه قاله ابن عباس وعطاء الزهري واختلفوا في الخاطىء في قتله الناسي لإحرامه على قولين : أحدهما : لا جزاء عليه قاله داود ،