الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠) إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩١) وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٩٢) لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (٩٣))
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) الآية اختلف في سبب نزولها على ثلاثة أقاويل :
أحدها : ما روى ابن إسحاق عن أبي ميسرة قال : قال عمر بن الخطاب : اللهمّ بيّن لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت الآية في البقرة (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) [البقرة : ٢١٩] فدعي عمر فقرئت عليه فقال : اللهمّ بيّن لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت الآية التي في سورة النساء (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى) [النساء : ٤٣] وكان منادي رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا حضرت الصلاة ينادي لا يقربنّ الصلاة سكران فدعي عمر فقرئت عليه فقال : اللهمّ بيّن لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت التي في المائدة (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ ..) الآية إلى قوله (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) فقال عمر : انتهينا انتهينا.
والثاني : أنها نزلت في سعد بن أبي وقّاص وقد لاحى رجلا على شراب فضربه الرجل بلحي جمل ففرز أنفه قاله مصعب بن سعد.
والثالث : أنها نزلت في قبيلتين من الأنصار ثملوا من الشراب فعبث بعضهم ببعض فأنزل الله فيهم هذه الآية قاله ابن عباس.
فلما حرمت الخمر قال المسلمون يا رسول الله كيف بأخواننا الذين شربوها وماتوا قبل تحريمها فأنزل الله تعالى (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا) [المائدة : ٩٣] يعني من الخمر قبل التحريم.
(إِذا مَا اتَّقَوْا) يعني في أداء الفرائض وآمنوا يعني بالله ورسوله.
(وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) يعني البرّ والمعروف.
(ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا) يعني بعمل النوافل فالتقوى الأول عمل الفرائض ، والتقوى الثاني عمل النوافل ، فأما الميسر : فهو القمار ، وأما الأنصاب ففيها وجهان : أحدهما : أنها الأصنام تعبد قاله الجمهور ، والثاني : أنها أحجار حول الكعبة يذبحون لها قاله مقاتل وأما الأزلام فهي قداح من خشب يستقسم بها على ما قدّمناه وقوله (رِجْسٌ) يعني حراما ، وأصل الرجس : المستقذر الممنوع منه فعبّر به عن الحرام لكونه ممنوعا منه ثم قال (مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) أي