(لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ) لما أحفوا الرسول صلىاللهعليهوسلم بالمسألة صعد المنبر يوما ، فقال : «لا تسألوني عن شيء إلا بينته» فلف كل أنسان منهم ثوبه في رأسه يبكي ، فقاله رجل كان يدعى إذا لاحى لغير أبيه : يا رسول الله من أبي قالوا : أبوك حذافة فأنزل الله (لا تَسْئَلُوا) أو لما قال : «كتب الله عليكم الحج فقيل له أفي كل عام؟ فقال : لو قلت نعم لوجبت ، اسكتوا عني ما سكت عنكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم» (١) ، أو في قوم سألوا الرسول صلىاللهعليهوسلم عن البحيرة والسائبة ، والوصيلة والحامي.
(وَإِنْ تَسْئَلُوا) نزول القرآن عند السؤال موجب لتعجيل الجواب.
(عَفَا اللهُ عَنْها) المسألة ، أو الأشياء التي سألوا عنها.
(قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ (١٠٢))
(قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ) قوم عيسى عليه الصلاة والسّلام سألوا المائدة ثم كفروا بها ، أو قوم صالح عليه الصلاة والسّلام سألوا الناقة ثم عقروها وكفروا بها ، أو قريش سألوا الرسول صلىاللهعليهوسلم أن يحوّل لهم الصفا ذهبا ، أو الذين سألوا الرسول صلىاللهعليهوسلم من أبي ونحوه فلما أخبرهم به أنكروه وكفروا به.
(ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (١٠٣))
(ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ) ما بحر ، ولا سيّب ولا وصل ، ولا حمى حاميا.
(بَحِيرَةٍ) الناقة تلد خمسة أبطن فإن كان الخامس ذكرا ذبحوه وأكلوه وإن كان ربعة بتكوا أذنيها فلم يشرب لبنها ولم يوقر ظهرها ، أو إذا ولدت خمسة أبطن ، وكان آخرها ذكرا شقوا أذن الناقة وخلوها فلا تحلب ولا تركب ، أو البحيرة : بنت السائبة.
(سائِبَةٍ) مسيبة ، كعيشة راضية أي مرضية ، كانت تفعله العرب ببعض مواشيها فتحرم الانتفاع بها تقربا إلى الله تعالى ، وكان بعض أهل الإسلام يعتق العبد سائبة لا ينتفع به ولا بولائه ، كان أبو العالية سائبة فمات فلم يأخذ مولاه ميراثه ، وقال : هو سائبة ، فإذا تابعت الناقة عشرة أبطن كلهن إناث سيبت فلم تركب ، ولم يجز وبرها ولا يشرب لبنها إلا ضيف ، فما نتجت بعد ذلك من أنثى بحرت أذنها وسميت بحيرة وسيبت مع أمها ، أو كانوا ينذرون السائبة عند المرض فيسيب البعير فلا يركب ولا يجلأ عن ماء.
__________________
(١) أخرجه الطبراني في الكبير (٨ / ١٥٩ ، رقم ٧٦٧١) ، وفي مسند الشاميين (٢ / ٨١ ، رقم ٩٥٥). قال الهيثمى (٣ / ٢٠٤) : إسناده حسن جيد.