إذ لكلّ منازل وأزواج في الجنة ، فإن آمن فهي له ، وإن كفر فهي لمن آمن من أهلهم ، وهذا معنى (الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ) [المؤمنون : ١١].
(ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣))
(فِتْنَتُهُمْ) معذرتهم سماها بذلك لحدوثها عن الفتنة ، أو عاقبة فتنتهم وهي الشرك ، أو بليتهم التي ألزمتهم الحجة وزادتهم لائمة.
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها حَتَّى إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٢٥))
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ) يستمعون قراءة النبي صلىاللهعليهوسلم في صلاته ليلا ، ليعرفوا مكانه فيؤذوه ، فصرفوا عنه بالنوم وإلقاء الوقر ، والأكنة : الأغطية ، واحدها كنان ، كننت الشيء غطيته ، وأكننته في نفسي أخفيته ، والوقر : الثقل.
(كُلَّ آيَةٍ) كل علامة معجزة لا يؤمنوا بها لحسدهم وبغضهم.
(يُجادِلُونَكَ) بقولهم أساطير الأولين التي سطروها في كتبهم ، أو قالوا : كيف تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل ربكم ، قاله ابن عباس ، رضي الله تعالى عنهما.
(وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (٢٦))
(يَنْهَوْنَ) عن اتباع الرسول صلىاللهعليهوسلم ويتباعدون فرارا منه ، أو ينهون عن العمل بالقرآن ويتباعدون عن سماعه لئلا يسبق إلى قلوبهم العلم بصحته ، أو ينهون عن أذى الرسول صلىاللهعليهوسلم ويتباعدون عن اتباعه ، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما نزلت في أبي طالب نهى عن أذى الرسول صلىاللهعليهوسلم ويتباعد عن الإيمان به مع علمه بصحته ، قال :
ودعوتني وزعمت أنك ناصحي |
|
فلقد صدقت وكنت ثم أمينا |
وعرضت دينا قد علمت بأنه |
|
من خير أديان البرية دينا |
لو لا الذمامة أو أحاذر سبّة |
|
لوجدتني سمحا بذاك مبينا |
(وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٧))
(وُقِفُوا عَلَى النَّارِ) عاينوها ومن عاين الشيء وقف عليه ، أو وقفوا فوقها ، أو عرفوها بدخولها ومن عرف شيئا وقف عليه ، أو حبسوا عليها.