(أَمَنَةً) من العدو ، أو من الله تعالى ، والأمنة : الدعة وسكون النفس.
(وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً) لتلبيد الرمل ويطهرهم من وساوس الشيطان التي أرعبهم بها ، أو من الأحداث والأنجاس التي أصابتهم ، قاله الجمهور ، أنزل ماء طهر به ظواهرهم ، ورحمة نوّر بها سرائرهم ، قاله ابن عطاء ، ووصفه بالتطهير ، لأنها أخص أوصافه وألزمها.
(رِجْزَ الشَّيْطانِ) قوله : إن المشركين قد غلبوهم على الماء ، أو قوله : ليس لكم بهؤلاء طاقة.
(وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ) لتلبيده الرمل الذي لا يثبت عليه قدم ، أو بالنصر الذي أفرغه عليهم حتى يثبتوا لعدوهم.
(إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ (١٢))
(أَنِّي مَعَكُمْ) معينكم.
(فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا) بحضوركم الحرب ، أو بقتالكم يوم بدر ، أو بقولكم لا بأس عليكم من عدوكم.
(سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ) قال ذلك للملائكة إعانة لهم ، أو ليثبتوا به المؤمنين.
(فَوْقَ الْأَعْناقِ) فوق صلة ، أو الرؤوس التي فوق الأعناق أو على الأعناق ، أو أعلى الأعناق ، أو جلدة الأعناق.
(بَنانٍ) مفاصل أطراف الأيدي والأرجل ، والبنان أطراف أصابع اليدين والرجلين.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ (١٥))
(زَحْفاً) الدنو قليلا قليلا.
(فَلا تُوَلُّوهُمُ) ولا تنهزموا ، عام في كل مسلم لاقى العدو ، أو خاص بأهل بدر ، ولزمهم في أول الإسلام أن لا ينهزم المسلم عن عشرة بقوله تعالى (لا يَفْقَهُونَ) [الأنفال : ٦٥] ما فرض الله تعالى عليهم من الإسلام ، أو لا يعلمون ما فرض عليهم من القتال ، فلما كثروا واشتدت شوكتهم نسخ ذلك بقوله تعالى : (الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً) [الأنفال : ٦٦] و (ضَعْفاً) واحد ، أو بالفتح في الأموال وبالضم في الأحوال ، أو بالضم في النيات وبالفتح في الأبدان ، أو بالعكس فيهما.