جعل الله تعالى الأنفال إلى نبيه صلىاللهعليهوسلم فقسمها بينهم على بواء : أي سواء (١) ، أو رجعوا. والبواء الرجوع لا يكون إلا بشر أو خير.
(وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ) مكنهم من قتل الأنبياء صلوات الله تعالى عليهم وسلامه ليرفع درجاتهم ، أو كل نبي أمره بالحرب نصره ، ولم يمكن من قتله قاله الحسن : والنبي من النبأ ، وهو الخبر لإنبائه عن الله تعالى أو من النبوة المكان المرتفع ، لارتفاع منزلته ، أو من النبي وهو الطريق ، لأنه طريق إلى الله تعالى.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢))
(هادُوا) من هاد يهود هودا وهيادة إذا تاب. أو من قولهم (هُدْنا إِلَيْكَ) [الأعراف : ١٥٦] أو نسبوا إلى يهوذا أكبر ولد يعقوب عليه الصلاة والسّلام فعربته العرب بالدال.
(وَالنَّصارى) جمع نصراني ، أو نصران عند سيبويه وعند الخليل نصري. لنصرة بعضهم لبعض ، أو لقوله تعالى (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) [آل عمران : ٥٢] أو كان يقال لعيسى عليه الصلاة والسّلام الناصري لنزوله الناصرة فنسب إليه النصارى.
(وَالصَّابِئِينَ) جمع صابئ ، من الطلوع والظهور ، صبأ ناب البعير : طلع ، أو من الخروج من شيء إلى آخر ، لخروجهم من اليهودية إلى النصرانية ، أو من صبا يصبو إذا مال إلى شيء وأحبه على قراءة نافع بغير الهمز ، ثم هم قوم بين اليهود والمجوس ، أو قوم يعبدون الملائكة ، ويصلون إلى القبلة ، ويقرؤون الزبور ، أو دينهم شبيه بدين النصارى ، قبلتهم نحو مهب الجنوب حيال منتصف النهار ، يزعمون أنهم على دين نوح عليه الصلاة والسّلام.
(مَنْ آمَنَ) نزلت في سلمان (٢) ، والذين نصّروه وأخبروه بمبعث النبي صلىاللهعليهوسلم أو هي منسوخة بقوله تعالى (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ) [آل عمران : ٨٥] والمراد بالنسخ التخصيص.
(وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٦٣))
(الطُّورَ) جبل التكليم ، وإنزال التوراة ، أو ما أنبت من الجبال دون ما لم ينبت ، أو
__________________
(١) أخرجه أحمد (٥ / ٣٢٢ ، رقم ٢٢٧٩٩).
(٢) سلمان أبو عبد الله الفارسى ، ويقال له : سلمان ابن الإسلام ، وسلمان الخير ، أصله من رامهرمز ، وقيل من أصبهان ، وكان قد سمع بأن النبي صلىاللهعليهوسلم سيبعث فخرج في طلب ذلك فأسر وبيع بالمدينة فاشتغل بالرق حتى كان أول مشاهده الخندق وشهد بقية المشاهد وفتوح العراق وولى المدائن ، وكان عالما زاهدا. انظر : الإصابة في تمييز الصحابة (٣ / ١٤١ ، ترجمة ٣٣٥٩).