فاعلة .. يقال : ركد الماء في الحوض ـ يركد ـ ركودا وركدت الريح والسفينة أيضا بمعنى : سكن أي ثبت ولم يجر .. والفعل من باب «دخل ـ يدخل ـ دخولا» وركدت السفينة بمعنى : وقفت فلا تجري والفعل الرباعي «أركد» يتعدى إلى المفعول : نحو أركدتها : بمعنى أوقفتها. وقبل هذه الآية الكريمة : (وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ) فجمعت «جارية» وهي اسم فاعلة جمع تكسير وهناك جمع آخر للفظة «جارية» وهو : جاريات ومثلها كلمة «رواكد» جمع «راكدة» جاء جمع تكسير وثمة جمع آخر لها هو راكدات أي أن للفظتين : جمعين : جمع تكسير وجمعا ملحقا بجمع المؤنث السالم والأصل في الآية الكريمة هو : السفن الجوار فحذف الموصوف «السفن» لأنه مفهوم من سياق النص الكريم وحلت الصفة «الجوار» محله أما «الأعلام» فهي جمع «علم» وهو الراية وهنا جاء بمعنى : الجبل .. ومنه المثل الشهير : نار على علم .. وفي الآية المذكورة آنفا تحرم الإطلاق فإن الريح المذكورة هنا ـ أي في هذه الآية الكريمة ـ هي نعمة ورحمة إذ بواسطتها يسير الله تعالى السفن في البحر حتى لو سكنت لركدت ـ أي لتوقفت ـ السفن. ولا ينكر أن الغالب من ورودها ـ أي الريح ـ مفردة ما ذكروه ـ أي قولهم : إن الريح لم ترد في القرآن الكريم إلا عذابا بخلاف الرياح ـ وأما اطراده فلا. وما ورد في الحديث الشريف فلأجل الغالب في الاطلاق والله أعلم. ويسمى هيجان الرياح وتصاعدها إلى السماء : زوبعة وجمعها : زوابع .. وقيل في الأمثال : إذا رأيت عاصفة فتطأمن .. بمعنى : إذا رأيت الأمر غالبا فاخضع له .. و «الزوابع» تعني أيضا : الدواهي ـ جمع داهية ـ وهي المصيبة العظيمة والأمر العظيم .. ومنه القول : أصابته دواهي الدهر : أي نوائبه .. وأصابتهم داهية دهياء : بمعنى : مصيبة شديدة ويقال أيضا : هذا رجل داهية : أي صاحب دهاء وهو الجودة في الرأي والمهارة وأصله : داه .. أي داهي .. حذفت الياء لأنه اسم منقوص نكرة وإنما قالوا : داهية فالتاء للمبالغة أي كثير الدهاء مثل «علامة» أي كثير العلم وهم دهاة. قال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ : لو كنت تاجرا لما اخترت شيئا على العطر إن فاتني ربحه لم يفتني ريحه. وقوله تعالى في الآية الكريمة المذكورة (فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ) معناه : يبقين على ظهر الماء أو البحر .. يقال : الظهر : ضد البطن أو ما يقابل البطن واللفظة تكتب بالظاء ـ أخت الطاء ـ ويقابلها : الضهر بالضاد أخت الصاد ـ فاللفظتان متفقتان وزنا مختلفتان معنى ورسما .. فالثانية «الضهر» تعني : القمة من الشيء أي الجماد نحو : صعدت إلى ضاهر الجبل أو التل : أي صعدت إلى أعلاهما لأن «الضاهر» تعني : الضهر .. وقيل يجوز أن تطلق لفظة «الضهر» على ما يقابل بطن الحيوان .. نحو : اعتلى الفارس ضهر الحصان .. واللفظة أيضا من مسميات «السلحفاة» و «الظهر» أيضا من الدابة : هو موضع الركوب .. وفعله «ظهر» من باب «خضع» له عدة معان .. منها : ظهر الأمر : أي تبين واسم الفاعل منه هو ظاهر. وظهر الشيء ـ يظهر ـ ظهورا : بمعنى : برز ـ يبرز ـ بروزا بعد الخفاء. ومنه قيل : ظهر لي رأي : أي علمت ما لم تكن علمته .. وظهر الرجل على عدوه : بمعنى : غلبه .. وقولهم : ظهر الحمل : معناه بين وجوده. قال الفيومي : يروى أن عمر بن عبد العزيز سأل أهل العلم من النساء عن ظهور الحمل؟ فقلن : لا يتبين الولد دون ثلاثة أشهر. وجمع «الظهر» هو أظهر وظهور مثل أشهر وشهور .. أما «الظهيرة» فهي الهاجرة وذلك حين تزول الشمس وهي نصف النهار في القيظ أو عند زوال الشمس إلى العصر لأن الناس يستكنون في بيوتهم كأنهم قد هاجروا من شدة الحر.