السوء ـ يقيه ـ وقاية .. أي حفظه. و «التقوى» مثل «التقى» و «التقية» ومنه القول : اتقيت الله : بمعنى خفته سبحانه .. وخشيت الله .. وقولهم : وقاه الله السوء ومن السوء : معناه : صانه وستره عن الأذى.
** سبب نزول الآية : نزلت هذه الآية الكريمة في ثابت ابن قيس الذي جلس يبكي في الطريق خشية أن يرفع صوته فوق صوت النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لأنه كان صيتا رفيع الصوت فدعاه رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وقال له : أما ترضى أن تعيش حميدا وتقتل شهيدا وتدخل الجنة؟ قال : رضيت ولا أرفع صوتي أبدا على صوت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فأنزل الله تعالى قوله الكريم : «إن الذين يغضون ..».
** (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السادسة .. وفاسق : اسم فاعل للفعل «فسق ـ يفسق ـ عن أمر ربه فسوقا» بمعنى خرج عن الطاعة وهو من باب «قعد» ويأتي المضارع «يفسق» بكسر السين أيضا وهو لغة حكاها الأخفش وجمع «فاسق» هو فساق .. قال الفيومي : قال ابن الأعرابي : ولم يسمع فاسق في كلام الجاهلية ولا في شعرهم وهذا عجب وهو كلام عربي أي أنه عربي فصيح ونطق به الكتاب العزيز ويقال : أصله : خروج الشيء من الشيء على وجه الفساد يقال فسقت الرطبة : إذا خرجت من قشرها.
** سبب نزول الآية : نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط بعثه رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إلى بني المصطلق ليتعرف أحوالهم ومصدقا ـ أي يأخذ الزكوات والغنم ـ فلما سمعوا به ركبوا إليه فخافهم ورجع وقال : إن القوم هموا بقتلي ومنعوا صدقاتهم .. فهم النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بغزوهم .. فجاء وفدهم وقالوا : يا رسول الله سمعنا برسولك فخرجنا نكرمه ونؤدي إليه ما قبلنا من الصدقة وقيل وبعث ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إليهم خالد بن الوليد فوجدهم مقيمين على الإسلام.
** (وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السابعة .. المعنى : حسن إليكم الإيمان وغرسه في قلوبكم وبغض إليكم الكفر والكذب والمعصية .. الفعل «كره» هنا جاء على معنى «بغض» وهو على هذا التأويل عدي إلى مفعوله الأول بحرف جر لأن «بغض» منقول من : بغض إليه الشيء فهو بغيض إليه كقولنا : حبب إليه الشيء فهو حبيب إليه .. وقد جاء الفعل «كره» متعديا إلى مفعول واحد وعدي إلى الثاني بالحرف اتباعا لما قبله «حبب إليكم الايمان» وهو ما يسمى في علم البلاغة العربية : التقابل .. أو المقابلة لأن الفعل «كره» بتخفيف الراء يتعدى إلى مفعول واحد .. نحو : كرهت الشيء ـ أكرهه ـ كراهية ـ بتخفيف الياء ـ من باب «سلم» فهو شيء كريه ـ فعيل بمعنى مفعول ـ ومكروه .. فإذا ثقل الراء ـ أي شدد ـ استدعى زيادة مفعول ولم يعد بحرف الجر «إلى» لأن القياس تعدي الفعل بنفسه.
** (فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة التاسعة .. و «تفيء إلى أمر الله» بمعنى : ترجع إلى الحق .. أي كتاب الله .. يقال : فاء ـ يفيء ـ فيئا من باب «باع» بمعنى : رجع .. وأفاء ـ الفعل الرباعي يتعدى إلى المفعول .. نحو : أفاء الله علينا مال الكفار يفيء ـ إفاءة بمعنى : جعله فيئا لنا أي غنيمة .. ويقال : فاء الظل ـ يفيء ـ فيئا : بمعنى : تحول أي رجع من جانب المغرب إلى جانب المشرق .. والفيء ما بعد الزوال من الظل سمي فيئا لرجوعه من جانب إلى جانب ..