حسبي حسبي. قد اكتفيت» صدق رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ الرجل والقدم في هذا الحديث ـ كما يقول الزمخشري ـ هما من الصفات المنزهة عن التكييف والتشبيه فالإيمان بها : فرض والامتناع عن الخوض فيها : واجب. فالمهتدي من سلك فيها طريق التسليم والخائض فيها : زائغ والمنكر : معطل والمكيف : مشبه ليس كمثله سبحانه شيء وبمعنى إن رب العزة يذللها من وضعها تحت القدم.
** (فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة والعشرين. المعنى : فو الله رب الكون إن قولنا : (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ) لحق ثابت لا شك فيه مثل نطقكم فهل تشكون في نطقكم؟ فينبغي أن لا تشكوا كذلك في أن رزقكم في السماء وما توعدون. يقال : نطق الرجل ـ ينطق ـ منطقا ـ من باب : ضرب .. بمعنى تكلم. والنطق : اسم منه قال المتنبي في المدح :
لا خيل عندك تهديها ولا مال |
|
فليسعد النطق إن لم تسعد الحال |
قالت العرب : الكلام ذكر والجواب أنثى ولا بد من النتاج عند الازدواج. ويقال : أنطقه : أي جعله ينطق .. ويقال : نطق لسانه .. كما يقال : نطق الرجل. ونطق الكتاب : بمعنى : بين وأوضح. والمنطق ـ بكسر الميم وفتح الطاء ـ هو ما يشد به وسط الانسان ومثله : النطاق. وأطلق على «أسماء» بنت أبي بكر ـ رضي الله عنهما ـ : ذات النطاقين .. قيل لأنها كانت تطاق نطاقا على نطاق وقيل كان لها نطاقان تلبس أحدهما وتحمل في الآخر الزاد للنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ حين كان في الغار قال الأزهري : وهذا أصح القولين .. ويقال : ناطقه واستنطقه بمعنى : كلمه. وقولهم : ما له صامت ولا ناطق فالناطق : الحيوان والصامت ما سواه. وقيل : الصامت : الذهب والفضة والناطق : الإبل والغنم أي ليس له شيء .. أما المنطيق فهو البليغ .. ويطلق على المكثر من الكلام لفظ «المتفيهق» من «فهق الإناء» بمعنى : امتلأ ومنه الحديث : إنه قام إلى باب الجنة فانفهقت له» أي فانفتحت واتسعت .. ومنه اسم الفاعل «المتفيهق» أما «الفقه» فهو فهم الشيء. قال ابن فارس : وكل علم لشيء فهو فقه .. ومنه فقه الرجل يفقه ـ فقها .. من باب «تعب» إذا علم ومثله : فقه ـ من باب «ظرف» وقيل : فلان لا يفقه : أي لا يفهم. وهذا رجل نقه وفقه : أي فاهم وعالم بالفقه أو هو شديد العلم والفهم ذكي.
** (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة والعشرين و «المكرمين» جمع «مكرم» وهو اسم مفعول بمعنى : مكرمين عند ربهم و «ضيف» بمعنى : ضيوف واللفظة تطلق على الواحد والجماعة لأنها في الأصل مصدر «ضافه ـ يضيفه ـ ضيفا» من باب «باع» إذا نزل عنده وجعلهم ضيفا وهم الملائكة لأنهم كانوا في صورة الضيف حيث أضافهم فظنهم آدميين. و «الضيف» هو النزيل ويقال : أضافه وضيفه أيضا : بمعنى : أنزله عليه ضيفا أي أنزله منزلة الأضياف. وقيل : الأضياف وهي جمع «ضيف» شأنها في ذلك شأن «ضيوف» و «ضيفان» فمع كون لفظة «ضيف» للمفرد وغيره إلا أنه تجوز المطابقة معها فيقال : هذا ضيف وهذه ضيفة وهؤلاء أضياف وضيوف. والآية الكريمة المذكورة تحدثنا عن ضيف إبراهيم وهم في الحقيقة أكثر من ضيف واحد فجاءت اللفظة مفردة ومعناها : الجمع .. وضيوف إبراهيم هم في الحقيقة ملائكة فظنهم وهم يدخلون عليه آدميين فقدم إليهم عجلا سمينا ولما رآهم لم يأكلوا منه خاف منهم فهدءوا روعه وبشروه باسحاق وكانوا اثني عشر ملكا وقيل : تسعة عاشرهم : جبريل ـ عليه