(فَإِنِّي مَعَكُمْ) : الفاء استئنافية. إني : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب اسم «إن». مع : ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بخبر «إن» يدل على المصاحبة والاشتراك أي المشاركة وهو مضاف. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور.
(مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ) : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر «إن» بمعنى : قل لهم انتظروا موتي فإني منتظر من المنتظرين موتكم وعلامة جر الاسم الياء لأنه مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.
** (أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثلاثين .. المعنى : أم يقولون محمد شاعر ننتظر به المنية أي الموت.
** سبب نزول الآية : نزلت هذه الآية الكريمة حينما تآمرت قريش في دار الندوة على أن يقيدوا النبي الكريم محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في وثاق حتى يموت. فأنزل الله تعالى هذه الآية الكريمة بعد أن خيب تآمرهم وأخزاهم.
** (أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية والأربعين .. المعنى أم عندهم علم الغيب وهو اللوح المحفوظ الذي فيه علم الغيب فهم يكتبون ما فيه حتى يقولوا : وإن بعثنا لا نعذب .. أي فهم يحكمون منه؟ الفعل «كتب» من باب «نصر» ومصدره : كتبا وكتبة وكتابا .. والاسم منه : الكتابة لأنها صناعة كالنجارة وغيرها وتطلق الكتبة والكتاب على المكتوب ويطلق الكتاب على المنزل وعلى ما يكتبه الشخص ويرسله. قال أبو عمرو : سمعت أعرابيا يمانيا يقول : فلان لغوب جاءته كتابي فاحتقرها. فقلت : أتقول : جاءته كتابي؟ فقال : أليس بصحيفة؟ قلت : ما اللغوب؟ قال : الأحمق. ومن معاني «كتب» حكم وقضى وأوجب نحو : كتب الله الصيام : أي أوجبه .. وكتب القاضي بالنفقة : بمعنى : قضى وحكم. والكاتب ـ اسم فاعل ـ للفعل «كتب» وهو عند العرب : العالم وهو ما تشير إلى معناه الآية الكريمة المذكورة.
** (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة والأربعين .. المعنى : واصبر يا محمد لحكمة ربك وداوم على تنزيه ربك حامدا إياه حين تقوم من منامك أو من أي مكان قمت وأنت في حفظنا وتحت حراستنا ومرعى برعايتنا وحفظنا بحيث نراك ونكلؤك وإضافة جمع «العين» وهو «أعيننا» لجمع الضمير مبالغة بكثرة أسباب الحفظ. والله تعالى منزه عن الأعضاء ـ الجوارح ـ وهو هنا كناية عن الحفظ. و «أعين» جمع «عين» وتجمع أيضا على عيون قال شوقي :
نامت الأعين إلا مقلة |
|
تسكب الدمع وترعى مضجعك |
ويقال : قرت عين من مات في سبيل الله : أي بردت عينه سرورا وجف دمعها أو كانت متشوقة إلى شيء فرأته. روي أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ رأى على عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه