[سمع الله لمن حمده]. ثمّ قام طويلا قريبا ممّا ركع ، ثمّ سجد ؛ فقال : [سبحان ربي الأعلى] فكان سجوده قريبا من قيامه (١).
وأما ما ورد من النهي عن قراءة القرآن منكوسا فإن المراد قراءة الآيات في السورة الواحدة منكوسة لا قراءة السّور منكوسة. قال موفق الدين بن قدامة : وقد روي عن ابن مسعود أنه سئل عمّن يقرأ القرآن منكوسا قال : ذلك منكوس القلب. وفسّره أبو عبيدة : بأن يقرأ سورة ثم يقرأ بعدها أخرى هي قبلها في النّظم (٢). وقال النوويّ في شرح الحديث السابق لحذيفة رضي الله عنه من صحيح مسلم : قال أبو بكر الباقلاني ... : ولا خلاف أنه يجوز للمصلي أن يقرأ في الركعة الثانية سورة قبل التي قرأها في الأولى ، وإنما يكره ذلك في ركعة ولمن يتلو في غير صلاة ، قال : وقد أباحه بعضهم وتأوّل نهي السلف عن قراءة القرآن منكوسا على من يقرأ من آخر السورة إلى أولها (٣).
ومتأوّل قول السلف على ما يبدو هو ابن بطّال ، قال ابن حجر : قال ابن بطال : لا نعلم أحدا قال بوجوب ترتيب السّور في القراءة لا داخل الصلاة ولا خارجها ، بل يجوز يقرأ الكهف قبل البقرة والحجّ قبل الكهف مثلا ، وأما ما جاء عن السّلف من النهي عن قراءة القرآن منكوسا ، فالمراد به أن يقرأ من آخر السورة إلى أولها ، وكان جماعة يصنعون ذلك في القصيدة من الشعر مبالغة في حفظها وتذليلا للسانه في سردها ، فمنع السلف ذلك في القرآن فهو حرام فيه (٤).
وهذا الرأي نقله ابن كثير في فضائل القرآن : بتصرّف ؛ قال أي ابن بطّال : وأما ما روي عن ابن مسعود وابن عمر أنّهما كرها أن يقرأ القرآن منكوسا ، وقالا : إنما
__________________
(١) رواه مسلم في الصحيح : كتاب صلاة المسافرين : باب استحباب تطويل القراءة : الحديث (٢٠٣ / ٧٧٢).
(٢) ينظر : المغني : مسألة : قال : ثم يقرأ في سورة في ابتدائها بسم الله الرحمن الرحيم : الفصل الأخير منها : ج ١ ص ٥٣٧.
(٣) المنهاج : شرح صحيح مسلم بن الحجاج : ج ٥ ـ ٦ ص ٣٠٨.
(٤) ينظر : فتح الباري شرح صحيح البخاري : ج ٩ ص ٤٨.