سماعهم له ولو جملة واحدة (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ)(١)(وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ)(٢)(وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ)(٣)(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (١) يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ)(٤).
وهكذا تتلى آية من القرآن أو آيات ، فإن ألفاظها وأسلوبها ومراميها تستغرق أحاسيس الإنسان وتستولي عليه.
وإعجاز القرآن أظهر ما يظهر في فصاحته وبلاغته وارتفاعه إلى درجة مدهشة. ويتجلّى ذلك في أسلوب القرآن المعجز ، فإنّ ما في أسلوبه من الوضوح والقوة والجمال ما يعجز البشر عن أن يصلوا إليه.
والأسلوب هو معاني مرتّبة في ألفاظ منسقة. أو هو كيفيّة التعبير لتصوير المعاني بالعبارات اللغوية ، ووضوح الأسلوب يكون ببروز المعاني المراد أداؤها في التعبير الذي أدّيت به (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ)(٥). وقوة الأسلوب تكون باختيار الألفاظ التي تؤدّي المعنى بما يتلاءم مع المعنى. فالمعنى الرقيق يؤدّى باللفظ الرقيق ، والمعنى الجزل يؤدى باللفظ الجزل ، والمعنى المستنكر يؤدى باللفظ المستنكر وهكذا ... (وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلاً (١٧) عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً)(٦)(إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً (٢١) لِلطَّاغِينَ مَآباً (٢٢) لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً)(٧)(تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى)(٨)(إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ)(٩).
أما جمال الأسلوب فيكون باختيار أصفى العبارات وأليقها بالمعنى الذي أدّته ، وبالألفاظ والمعاني التي معها في الجملة والجمل (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ
__________________
(١) غافر / ١٦.
(٢) الزمر / ٦٧.
(٣) الأنفال / ٥٨.
(٤) الحج / ١ ـ ٢.
(٥) فصلت / ٢٦.
(٦) الإنسان / ١٧ ـ ١٨.
(٧) النبأ / ٢١ ـ ٢٣.
(٨) النجم / ٢٢.
(٩) لقمان / ١٩.