وقد يذكر ها هنا أنه مما يؤاخذ عليه رحمهالله في هذا التفسير ، أنه أدرج فيه بعض القصص التوراتية والأخبار من الاسرائيليات التي كان يغنيه عنها الأخبار الصحيحة. وقد أشرنا إلى ذلك حسب مناسبة إيراده في هوامش التحقيق والتعليق.
ومن الجدير بالذكر ، أن للقراءات أثرا بالغا في تفسير الإمام الطبراني ونهجه في إدراك المراد في دلالة الآية ، فكان يأتي بالقراءات ويتعامل معها بوصفها أفهاما وأوجه تفسير ، لا المراد منها التلاوة كما يفهم البعض أو ظنّ ذلك. وعماده في ذلك ـ فضلا عن كتب المعاني ـ ما جاء في كتاب الحجّة للقراءات السبعة لأبي عليّ الفارسي ، وذكره في مناسبات من هذا التفسير. كما أنه ذكر الإمام محمد بن جرير الطبري في مجال تفسيره للآية (١٣) من سورة الأنعام ؛ وغالبا ما كان ينقل عنه الآثار أو القراءات وأوجه فهمها عند القرّاء لها.
كما أنه ذكر تفسير النقّاش في سورة الحاقة تفسير الآية (١٢) منها. وذكر أبا حاتم الرازي الجصّاص ، وكأنه كان ينقل عنه مسائل آيات الأحكام ، ويناقش الخلاف فيها. ومع أنه حنفيّ المذهب ، ولكني وجدته يتعامل مع الأدلة وأوجه الاستدلال بعقلية المجتهد لا المقلّد ، فيبيّن فيها وجه الاستدلال الذي ينتصر به لمذهبه إذا ترجّح عنده ذلك ، أو أنه يبيّن وجه ما تبناه في المسألة.
ولا يخفى على القارئ أن الإمام الطبراني أفاد كثيرا من سابقيه ومعاصريه ، وجمع جهودهم في تفسيره من غير تقليد أو اجترار أو تكرار ، وإنما بذل جهدا في تأليف ذلك بتسلسل فكريّ ، وانتباه يقظ يؤدي إلى إحساس فكري عند المتلقّي القارئ بعمق لتفسيره. فهو يتعامل مع النصّ القرآنيّ بوصفه مفسّرا جمع فائدة الحديث في البيان ، وفائدة اللّغة واللسان لفهم المراد ، وبما يوصله إلى الفكر والفقه فيه. على أن منهج الإمام الطبراني يفعّل لسان العرب وأصول التفسير في إدراك النصّ القرآني مبيّنا المراد بالسّنة والحديث الشريف ، ومعضّدا بالشواهد من الشّعر ، وآثار السلف وأقوالهم ، ومن تبعهم من أهل العلم.
وعلى قدر ما أعلم ، أجدني وأنا أراجع كتب التفسير : أن الجميع بعده عيال عليه ، وإن لم يذكره أحد منهم ، أو ينسب قولا إليه ، بل إني وجدت الإمام الثعلبي في