وقال عبد الحق : بل هو حديث منقطع ، لا يصحّ ، والذي عليه المحققون أنّ هذه الأهوال هي بعد البعث ، قاله صاحب «التذكرة» وغيره ، انتهى.
والحمل : ـ بفتح الحاء ـ ما كان في بطن أو على رأس شجرة.
وقوله سبحانه : (وَتَرَى النَّاسَ سُكارى) تشبيها لهم ، أي : من الهم ، ثم نفى عنهم السكر الحقيقيّ الذي هو من الخمر ، قاله الحسن (١) وغيره ، وقرأ حمزة والكسائيّ : «سكرى» في الموضعين (٢).
قال سيبويه (٣) : وقوم يقولون : سكرى جعلوه مثل مرضى ، ثم جعلوا : روبى مثل سكرى ، وهم المستثقلون نوما من شرب الرائب.
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ (٣) كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ) (٤)
وقوله سبحانه : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ).
قال ابن جريج : هذه الآية نزلت في النضر بن الحارث وأبيّ بن خلف ، وقيل في أبي جهل بن هشام (٤) ، ثم هي بعد تتناول كل من اتصف بهذه الصفة ، ومجادلتهم في أنّ الله تعالى لا يبعث من يموت ، والشيطان هنا هو مغويهم من الجن ، ويحتمل من الأنس ، والمريد : المتجرّد من الخير للشّرّ ، ومنه الأمرد ، وشجرة مرداء ، أي : عارية من الورق ، وصرح ممرّد ، أي : مملس ، والضمير في (عَلَيْهِ) عائد على الشيطان ؛ قاله قتادة (٥) ، ويحتمل أن يعود على المجادل ، وأنه في موضع رفع على المفعول الذي لم يسمّ فاعله ، و «أنّه» الثانية عطف على الأولى مؤكدة مثلها ، وقيل : هي مكرّرة للتأكيد فقط ، وهذا معترض بأنّ الشيء لا يؤكّد إلّا بعد تمامه ، وتمام «أنّ» الأولى إنما هو بصلتها في قوله :
__________________
(١) ذكره ابن عطية (٤ / ١٠٦)
(٢) ينظر : «السبعة» (٤٣٤) ، و «الحجة» (٥ / ٢٦٦) ، و «إعراب القراءات» (٢ / ٧٢) ، و «معاني القراءات» (٢ / ١٧٥) ، و «شرح الطيبة» (٥ / ٦٣) ، و «العنوان» (١٣٤) ، و «حجة القراءات» (٤٧٢) ، و «شرح شعلة» (٥٠٢) ، و «إتحاف» (٢ / ٢٧٠)
(٣) ينظر : «الكتاب» (٢ / ٢١٢ ـ ٢١٤)
(٤) أخرجه الطبريّ (٩ / ١٠٩) برقم (٢٤٩١٨) ، وذكره ابن عطية (٤ / ١٠٧) ، وابن كثير (٣ / ٢٠٦) ، والسيوطي (٤ / ٦١٩) ، وعزاه لابن جرير ، وابن المنذر عن ابن جريج.
(٥) ذكره ابن عطية (٤ / ١٠٧) ، والسيوطي (٤ / ٦٢٠) ، وعزاه لعبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن قتادة.