قال ابن العربي في «أحكامه» (١) : وكما لا يحلّ للرجل أن ينظر إلى المرأة ، لا يحل للمرأة أن تنظر إلى الرجل ، فإنّ علاقته بها كعلاقتها به ، وقصده منها كقصدها منه ، ثم استدل بحديث أمّ سلمة المتقدم ، انتهى. وحفظ الفرج يعمّ الفواحش ، وستر العورة ، وما دون ذلك ممّا فيه حفظ ، ثم أمر تعالى بألّا يبدين زينتهنّ إلّا ما يظهر من الزينة ؛ قال ابن مسعود (٢) : ظاهر الزينة : هو الثياب.
وقال ابن جبير وغيره (٣) : الوجه والكفّان والثياب.
وقيل : غير هذا.
قال زينتها ع (٤) ويظهر لي بحكم ألفاظ الآية أنّ المرأة مأمورة بألّا تبدي ، وأن تجتهد في الإخفاء لكل ما هو زينة ، ووقع الاستثناء في كلّ ما غلبها ، فظهر بحكم ضرورة حركة فيما لا بدّ منه أو إصلاح شأن ، فما ظهر على هذا الوجه فهو المعفوّ عنه ، وذكر أبو عمر : الخلاف في تفسير الآية كما تقدم ؛ قال : وروي عن أبي هريرة في قوله تعالى : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها) قال : القلب والفتخة.
__________________
ـ النساء إلى الأعمى ، حديث (٩٢٤١ ، ٩٢٤٢) ، والطحاوي في «مشكل الآثار» (١ / ١١٦) ، وأبو يعلى (١٢ / ٣٥٣) رقم (٦٩٢٢) ، وابن حبان (١٩٦٨ ـ موارد) ، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (١ / ٤١٦) ، والبيهقي (٧ / ٩١ ـ ٩٢) ، وابن سعد في «الطبقات» (٨ / ١٢٦) كلهم من طريق الزهري عن نبهان مولى أم سلمة عن أم سلمة به.
وقال الترمذي : حديث حسن صحيح.
وصححه ابن حبان.
قال الحافظ في «الفتح» (٩ / ٣٣٧) : وهو حديث أخرجه أصحاب السنن من رواية الزهري عن نبهان مولى أم سلمة عنها ، وإسناده قوي ، وأكثر ما علل به انفراد الزهري بالرواية عن نبهان ، وليست بعلة قادحة ، فإن من يعرفه الزهري ويصفه بأنه مكاتب أم سلمة ولم يجرحه أحد لا ترد روايته ا. ه.
(١) ينظر : «أحكام القرآن» (٣ / ١٣٦٧)
(٢) أخرجه الطبريّ (٩ / ٣٠٣ ، ٣٠٤) برقم (٢٥٩٥١ ، ٢٥٩٥٢ ، ٢٥٩٥٣ ، ٢٥٩٥٤ ، ٢٥٩٥٥) ، وذكره ابن عطية (٤ / ١٧٨) ، وابن كثير (٣ / ٢٨٣) والسيوطي (٥ / ٧٤) ، وعزاه لعبد الرزاق ، والفريابي ، وسعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، والحكم وصححه ، وابن مردويه عن ابن مسعود.
(٣) أخرجه الطبريّ (٩ / ٣٠٤) برقم (٢٥٩٦٣) ، (٢٥٩٦٤) عن سعيد بن جبير ، وبرقم (٢٥٩٦٥) عن عطاء ، وذكره ابن عطية (٤ / ١٧٨) ، وابن كثير (٣ / ٢٨٣) ، والسيوطي (٥ / ٧٥) ، وعزاه لابن جرير عن سعيد بن جبير.
(٤) ينظر : «المحرر الوجيز» (٤ / ١٧٨)