الذي يدخله : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، انتهى ، أخرجه (١) في «الموطّإ».
وقوله تعالى : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ) أظهر ما في (مِنْ) أن تكون للتبعيض ، لأنّ أول نظرة لا يملكها الإنسان ؛ وإنّما يغضّ فيما بعد ذلك ، فقد وقع التبعيض بخلاف الفروج ؛ إذ حفظها عامّ لها ، والبصر هو الباب الأكبر إلى القلب ، وبحسب ذلك كثر السقوط من جهته ، ووجب التحذير منه ، وحفظ الفرج هو عن الزنا وعن كشفه حيث لا يحل.
قلت : النواظر (٢) صوارم مشهورة فاغمدها في غمد الغضّ والحياء من نظر المولى وإلّا جرحك بها عدوّ الهوى ، لا ترسل بريد النظر فيجلب لقلبك رديء الفكر ، غضّ البصر يورث القلب نورا ، وإطلاقه يقدح في القلب نارا. انتهى من «الكلم الفارقية في الحكم الحقيقية».
قال ابن العربيّ (٣) في «أحكامه» : قوله تعالى : (ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ) يريد : أطهر وأنمى ، يعني : إذا غضّ بصره كان أطهر له من الذنوب وأنمى لعمله في الطاعة.
قال ابن العربي (٤) : ومن غضّ البصر : كفّ التطلع إلى المباحات من زينة الدنيا وجمالها ؛ كما قال الله تعالى لنبيه صلىاللهعليهوسلم : (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ) ٣٧ ب (زَهْرَةَ الْحَياةِ / الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى) [طه : ١٣١]. يريد ما عند الله تعالى ، انتهى.
وقوله تعالى : (وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ ...) الآية : أمر الله تعالى النساء في هذه الآية بغضّ البصر عن كل ما يكره ـ من جهة الشرع ـ النظر إليه ، وفي حديث أمّ سلمة قالت : كنت أنا وعائشة عند النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فدخل ابن أمّ مكتوم فقال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : «احتجبن ، فقلن : إنّه أعمى! فقال صلىاللهعليهوسلم : «أفعمياوان أنتما» (٥) و (مِنْ) الكلام فيها كالتي قبلها.
__________________
(١) أخرجه مالك (٢ / ٩٦٢) كتاب «السلام» : باب جامع السلام حديث (٨)
(٢) في ج : النظر.
(٣) ينظر : «أحكام القرآن» (٣ / ١٣٦٦)
(٤) ينظر : «أحكام القرآن» (٣ / ١٣٦٦)
(٥) أخرجه أبو داود (٢ / ٤٦٢) كتاب «اللباس» : باب قول الله تعالى : (وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَ) حديث (٤١١٢) ، والترمذي (٥ / ٩٤) كتاب «الأدب» : باب ما جاء في احتجاب النساء من الرجال ، حديث (٢٧٧٨) ، وأحمد (٦ / ٢٩٦) ، والنسائي في «الكبرى» (٥ / ٣٩٣) كتاب «عشرة النساء» : باب نظر ـ