ويقال : طفل ما لم يراهق الحلم ، و (يَظْهَرُوا) معناه : يطّلعوا بالوطء.
وقوله تعالى : (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ ...) الآية ، قيل : سببها أنّ امرأة مرّت على قوم فضربت برجلها الأرض فصوّت الخلخال ، وسماع صوت هذه الزينة أشدّ تحريكا للشهوة من إبدائها ؛ ذكره الزجّاج (١) ، ثم أمر سبحانه بالتوبة مطلقة عامّة من كل شيء صغير وكبير.
(وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٣٢) وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٣) وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) (٣٤)
وقوله تعالى : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ) الأيّم : من لا زوجة له أو لا زوج لها ؛ فالأيّم : يقال للرجل والمرأة.
وقوله : (وَالصَّالِحِينَ) يريد : للنكاح ، وهذا الأمر بالنكاح يختلف بحسب شخص شخص ، ففي نازلة : يتصوّر وجوبه ، وفي نازلة : النّدب وغير ذلك حسبما هو مذكور في كتب الفقه ؛ قال ابن العربيّ في «أحكامه» (٢) : قوله تعالى : (وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ) الأظهر فيه : أنه أمر بإنكاح العبيد والإماء كما أمر بإنكاح الأيامى ، وذلك بيد السادة في العبيد والإماء ؛ كما هو في الأحرار بيد الأولياء ، انتهى. ثم وعد تعالى بإغناء الفقراء المتزوجين ؛ طلب رضا الله عنهم ، واعتصاما من معاصيه ، ثم أمر تعالى كلّ من يتعذّر عليه النكاح أن يستعفف حتى يغنيهم الله من فضله ، إذ الغالب من موانع النكاح عدم المال ، فوعد سبحانه المتعفّف بالغنى. والمكاتبة : مفاعلة من حيث يكتب هذا على نفسه وهذا على نفسه ، ومذهب مالك : أنّ الأمر بالكتابة هو على الندب.
وقال عطاء : ذلك واجب ، وهو ظاهر مذهب عمر بن الخطاب (٣) رضي الله عنه.
__________________
(١) ينظر : «معاني القران» (٤ / ٤٠)
(٢) ينظر : «أحكام القرآن» (٣ / ١٣٧٨)
(٣) أخرجه الطبريّ (٩ / ٣١٢) رقم (٢٦٠١٨) ، وذكره ابن عطية (٤ / ١٨١)