وقوله : (إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) قالت فرقة : الخير هنا المال.
وقال مالك : إنّه ليقال : القوّة والأداء ، وقال عبيدة السلمانيّ : الخير هو : الصلاح في الدّين.
وقوله تعالى : (وَآتُوهُمْ) قال المفسرون : هو أمر لكل مكاتب أن يضع عن العبد من مال كتابته ، ورأى مالك هذا الأمر على النّدب ، ولم ير لقدر الوضيعة حدّا ، واستحسن (١) عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أن يوضع عنه الربع ، وقيل : الثلث ، وقيل : العشر ، ورأى عمر (٢) أن يكون ذلك من أوّل نجومه ؛ مبادرة إلى الخير ، وخوف ألّا يدرك آخرها ، ورأى مالك وغيره : أن يكون الوضع من آخر نجم ؛ وعلّة ذلك أنّه : ربما عجز العبد فرجع هو وماله إلى السيّد ، فعادت إليه وضيعته وهي شبه الصدقة.
قلت : والظاهر أنّ هذا لا يعدّ رجوعا كما لو رجع إليه بالميراث ، ورأى الشافعيّ وغيره : أنّ الوضيعة واجبة يحكم بها.
وقال الحسن (٣) وغيره : الخطاب بقوله تعالى : (وَآتُوهُمْ) : للناس أجمعين في أن يتصدّقوا على المكاتبين.
وقال زيد بن أسلم (٤) : إنّما الخطاب لولاة الأمور.
وقوله سبحانه : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) الآية : روي أنّ سبب الآية هو أن عبد الله بن أبيّ ابن سلول كانت له أمة ، فكان يأمرها بالزنا والكسب به ، فشكت ذلك إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، فنزلت الآية فيه ، وفيمن فعل فعله من المنافقين (٥).
__________________
(١) أخرجه الطبريّ (٩ / ٣١٥) برقم (٢٦٠٤٦ ، ٢٦٠٤٧ ، ٢٦٠٤٨ ، ٢٦٠٤٩) ، وابن عطية (٤ / ١٨١) ، والسيوطي (٥ / ٨٣) وعزاه لأبي عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب ، وعزاه أيضا في رواية أخرى لعبد الرزاق ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه ، والديلمي ، وابن المنذر ، والبيهقي ، وابن مردويه.
(٢) ذكره ابن عطية (٤ / ١٨١)
(٣) أخرجه الطبريّ (٩ / ٣١٧) برقم (٢٦٠٦٦) ، وذكره ابن عطية (٤ / ١٨٢) ، والسيوطي (٥ / ٨٣) ، وعزاه لعبد بن حميد عن الحسن.
(٤) ذكره ابن عطية (٤ / ١٨٢) ، والسيوطي (٥ / ٨٣) ، وعزاه لابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم.
(٥) أخرجه الطبريّ (٩ / ٣١٨) برقم (٢٦٠٧٣) ، وذكره البغوي (٣ / ٣٤٤) ، وابن عطية (٤ / ١٨٢) ، والسيوطي (٥ / ٨٤) ، وعزاه لابن أبي حاتم عن السدي.