وقال الحسن (١) : معناه تعظّم ويرفع شأنها ، وذكر اسمه تعالى هو بالصلاة والعبادة قولا وفعلا ، و (يُسَبِّحُ لَهُ فِيها) أي : في المساجد ، (بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) قال ابن عباس (٢) : أراد ركعتي الضحى. [والعصر ، وإنّ ركعتي الضحى] (٣) لفي كتاب الله وما يغوص عليها إلّا غوّاص ؛ ثم وصف تعالى المسبحين بأنهم لمراقبتهم أمر الله تعالى وطلبهم رضاه ، لا يشغلهم عن الصلاة وذكر الله شيء من أمور الدنيا.
قلت : وعن عمر ـ رضي الله عنه ـ أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «يجمع النّاس في صعيد واحد ، ينفذهم البصر ، ويسمعهم الدّاعي ، فينادي مناد : سيعلم أهل الجمع لمن الكرم اليوم ثلاث مرّات ، ثمّ يقول : أين الّذين كانت (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ) [السجدة : ١٦] ، ثمّ يقول : أين الّذين كانوا (لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ) إلى آخر الآية ، ثمّ ينادي مناد : سيعلم أهل الجمع لمن الكرم اليوم ، ثم يقول : أين الحمّادون الّذين يحمدون ربّهم؟» مختصرا (٤) رواه الحاكم في «المستدرك على الصحيحين» وله طرق عن أبي إسحاق ، انتهى من «السلاح» ، ورواه أيضا ابن المبارك من طريق ابن عباس قال : «إذا كان يوم القيامة نادى مناد : ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم ، ليقم الحامدون لله تعالى على كلّ حال ، فيقومون ، فيسرّحون إلى الجنّة ، ثمّ ينادي ثانية : ستعلمون من أصحاب الكرم ؛ ليقم الّذين كانت جنوبهم تتجافى عن المضاجع ؛ يدعون ربّهم خوفا وطمعا وممّا رزقناهم ينفقون ؛ قال : فيقومون ، فيسرّحون إلى الجنّة ، ثمّ ينادي ثالثة : ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم ؛ ليقم الّذين كانت : (لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ) فيقومون ، فيسرّحون إلى الجنّة». انتهى من «التذكرة». والزكاة هنا عند ابن عباس : الطاعة لله (٥).
وقال الحسن (٦) : هي الزكاة المفروضة في المال ، واليوم المخوف : هو يوم القيامة ،
__________________
(١) أخرجه الطبريّ (٩ / ٣٣٠) برقم (٢٦١٤١) ، وذكره البغوي (٣ / ٣٤٨) ، وابن عطية (٤ / ١٨٦) ، والسيوطي (٥ / ٩١) ، وعزاه لعبد الرزاق عن الحسن.
(٢) أخرجه الطبريّ (٩ / ٣٣١) برقم (٢٦١٤٤) ، وذكره ابن عطية (٤ / ١٨٦) ، والسيوطي (٥ / ٩٣) ، وعزاه لابن أبي شيبة ، والبيهقي في «شعب الإيمان» عن ابن عباس.
(٣) سقط في ج.
(٤) أخرجه الحاكم (٢ / ٣٩٩) من حديث عقبة بن عامر الجهني.
وقال الحاكم : هذا حديث صحيح ، وله طرق عن أبي إسحاق ووافقه الذهبي.
(٥) أخرجه الطبريّ (٩ / ٣٣٢) برقم (٢٦١٥٣) ، وذكره ابن عطية (٤ / ١٨٦)
(٦) ذكره ابن عطية (٤ / ١٨٦)