وقوله : (فِي زُجاجَةٍ) لأنّه جسم شفّاف ، المصباح فيه أنور منه في غير الزجاجة ، والمصباح : الفتيل بناره.
وقوله : (كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ) أي / في الإنارة والضوء ، وذلك يحتمل معنيين : إمّا أن يريد أنّها بالمصباح كذلك ، وإمّا أن يريد أنّها في نفسها ؛ لصفائها وجودة جوهرها ، وهذا التأويل أبلغ في التعاون على النور ؛ قال الضحّاك : الكوكب الدّريّ : الزهرة (١).
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو (٢) : «توقّد» ـ بفتح التاء والدال ـ ، والمراد : المصباح ، وقرأ نافع وغيره : «يوقد» أي : المصباح.
وقوله : (مِنْ شَجَرَةٍ) أي من زيت شجرة ، والمباركة : المنمّاة.
وقوله تعالى : (لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) قال الحسن (٣) : أي : ليست هذه الشجرة من شجر الدنيا ؛ وإنّما هو مثل ضربه الله تعالى لنوره ، ولو كانت في الدنيا لكانت إمّا شرقيّة وإمّا غربيّة ، وقيل غير هذا.
وقوله سبحانه : (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ ...) الآية مبالغة في صفة صفاته وحسنه.
وقوله : (نُورٌ عَلى نُورٍ) أي : هذه كلها ومعان تكامل بها هذا النور الممثّل به ، وفي هذا الموضع تمّ المثال ، وباقي الآية بيّن.
وقوله تعالى : (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ) قال ابن عباس وغيره (٤) : هي المساجد المخصوصة بعبادة الله التي من عادتها أن تنوّر بهذا النوع من المصابيح. وقوله : (أَذِنَ اللهُ) : بمعنى : أمر وقضى ، و (تُرْفَعَ) قيل : معناه تبنى وتعلّى ؛ قاله مجاهد (٥) وغيره ؛ كقوله تعالى : (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ ...) [البقرة : ١٢٧].
__________________
(١) ذكره ابن عطية (٤ / ١٨٤) ، والسيوطي (٥ / ٨٩) ، وعزاه لابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن الضحاك.
(٢) ينظر : «السبعة» (٤٥٥ ـ ٤٥٦) ، و «الحجة» (٥ / ٣٢٤) ، و «إعراب القراءات» (٢ / ١٠٩) ، و «معاني القراءات» (٢ / ٢٠٧) ، و «شرح الطيبة» (٥ / ٩٠) ، و «العنوان» (١٣٩) ، و «حجة القراءات» (٥٠٠) ، و «شرح شعلة» (٥١٤) و «إتحاف» (٢ / ٢٩٨)
(٣) أخرجه الطبريّ (٩ / ٣٢٧) برقم (٢٦١٢٤) ، وذكره البغوي (٣ / ٣٤٧) وابن عطية (٤ / ١٨٥) ، والسيوطي (٥ / ٩٠) ، وعزاه لابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن الحسن.
(٤) أخرجه الطبريّ (٩ / ٣٢٩) برقم (٢٦١٢٩ ، ٢٦١٣٠) ، وذكره البغوي (٣ / ٣٤٨) ، وابن عطية (٤ / ١٨٥) ، والسيوطي (٥ / ٩٠) ، وعزاه لابن أبي حاتم عن ابن عباس.
(٥) أخرجه الطبريّ (٩ / ٣٢٩) برقم (٢٦١٣١ ، ٢٦١٣٢ ، ٢٦١٣٣) ، وذكره البغوي (٣ / ٣٤٨) ، وابن عطية (٤ / ١٨٦) ، والسيوطي (٥ / ٩١) ، وعزاه لعبد بن حميد عن مجاهد.