(وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً (٢١) يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً (٢٢) وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً (٢٣) أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً) (٢٤)
وقوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا ...) الآية : الرجاء هنا على بابه ، وقيل : هو بمعنى الخوف ، ولما تمنّت كفّار قريش رؤية ربّهم أخبر تعالى عنهم أنّهم عظّموا أنفسهم ، وسألوا ما ليسوا له بأهل.
ص (لَقَدِ) جواب قسم محذوف ، انتهى. والضمير في قوله : (وَيَقُولُونَ) قال مجاهد (١) ، وغيره : هو للملائكة ، والمعنى : يقول الملائكة للمجرمين : حجرا محجورا عليكم البشرى ، أي : حراما محرّما ، والحجر : الحرام ، وقال [مجاهد أيضا] (٢) وابن جريج (٣) : الضمير للكافرين المجرمين ، قال ابن جريج : كانت العرب إذا كرهوا شيئا ، قالوا : حجرا ، قال مجاهد : حجرا عوذا يستعيذون من الملائكة(٤).
قال ع (٥) : ويحتمل أن يكون المعنى : ويقولون حرام محرّم علينا العفو ، وقد ذكر أبو عبيدة أنّ هاتين اللفظتين عوذة للعرب يقولها من خاف آخر في الحرم ، أو في شهر حرام إذا لقيه وبينهما ترة ؛ قال الداوديّ : وعن مجاهد (٦) : (وَقَدِمْنا) أي : عمدنا ، انتهى.
قال ع (٧) : (وَقَدِمْنا) أي : قصد حكمنا وإنفاذنا ونحو هذا من الألفاظ اللائقة ، ومعنى الآية : وقصدنا إلى أعمالهم التي لا تزن شيئا فصيرناها هباء ، أي : شيئا لا تحصيل له ، والهباء : ما يتطاير في الهواء من الأجزاء الدقيقة ولا يكاد يرى إلّا في الشمس ، قاله ابن
__________________
(١) أخرجه الطبريّ (٩ / ٣٧٩) برقم (٢٦٣٢٢) ، وذكره ابن عطية (٤ / ٢٠٦) عن الحسن ، وقتادة ، والضحاك ومجاهد ، وابن كثير (٣ / ٣١٤) ، والسيوطي (٥ / ١٢١) وعزاه للفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن مجاهد.
(٢) سقط في ج.
(٣) أخرجه الطبريّ (٩ / ٣٧٩) برقم (٢٦٣٢٣) ، وذكره البغوي (٣ / ٣٦٥) ، وابن عطية (٤ / ٢٠٦) ، والسيوطي (٥ / ١٢١) ، وعزاه للفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن مجاهد.
(٤) أخرجه الطبريّ (٩ / ٣٧٩) برقم (٢٦٣٢١) ، وذكره البغوي (٣ / ٣٦٥) ، وابن عطية (٤ / ٢٠٦)
(٥) ينظر : «المحرر الوجيز» (٤ / ٢٠٦)
(٦) أخرجه الطبريّ (٩ / ٣٨٠) رقم (٢٦٣٢٤) ، وذكره ابن كثير (٣ / ١٣٤)
(٧) ينظر : «المحرر الوجيز» (٤ / ٢٠٦)