ابن العربيّ في «أحكامه» (١) : قوله تعالى : (وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً).
قال علماؤنا : يعني الذين إذا قرأوا القرآن قرأوه بقلوبهم قراءة فهم وتثبيت ، ولم ينثروه نثر الدّقل ، فإنّ المرور عليه بغير فهم ولا تثبيت صمم وعمى ، انتهى. وقرّة العين : من القر وهذا هو الأشهر ؛ لأنّ دمع السرور بارد ، ودمع الحزن سخن ؛ فلهذا يقال : أقرّ الله عينك ، وأسخن الله عين العدوّ ، وقرة العين في الأزواج والذّرّيّة أن يراهم الإنسان مطيعين لله تعالى ؛ قاله ابن عباس والحسن وغيرهما (٢) ، وبيّن المقداد بن الأسود الوجه من ذلك بأنّه كان في أوّل الإسلام يهتدي الأب ، والابن كافر ، أو الزوج والزوجة كافرة ، فكانت قرة أعينهم في إيمان أحبابهم.
(وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً) أي : اجعلنا يأتمّ بنا المتقون ، وذلك بأن يكون الدّاعي متّقيا قدوة ، وهذا هو قصد الداعي ، قال النّخعي : لم يطلبوا الرياسة ، بل أن يكونوا قدوة في الدين ، وهذا حسن أن يطلب ويسعى (٣) له.
قال الثعلبي : قال ابن عباس : المعنى : واجعلنا أئمة هدى (٤) ، انتهى ، وهو حسن ، لأنّهم طلبوا أن يجعلهم أهلا لذلك. والغرفة من منازل الجنة وهي الغرف فوق (٥) الغرف ، وهي اسم جنس ؛ كما قال : [من الهزج]
ولو لا الحبّة السمراء |
|
لم نحلل بواديكم |
ت : وأخرج أبو القاسم ، زاهر بن طاهر بن محمد بن الشحامي عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ في الجنّة لغرفا ليس لها معاليق من فوقها ولا عماد من تحتها ، قيل : يا رسول الله ، وكيف يدخلها أهلها؟ قال : يدخلونها أشباه الطير ، قيل : هي يا رسول الله لمن؟ قال : هي لأهل الأسقام والأوجاع والبلوى (٦)». انتهى من «التذكرة». وقرأ حمزة (٧) وغيره : «يلقون» بفتح الياء وسكون اللام وتخفيف القاف.
__________________
(١) ينظر : «أحكام القرآن» (٣ / ١٤٣٣)
(٢) ذكره ابن عطية (٤ / ٢٢٢)
(٣) ذكره ابن عطية (٤ / ٢٢٢)
(٤) أخرجه الطبريّ (٩ / ٤٢٥) برقم (٢٦٥٦٢) ، وذكره السيوطي (٥ / ١٤٩) ، وعزاه لابن المنذر عن ابن عباس.
(٥) في ج : الغرفة فوق فوق الغرف.
(٦) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٥ / ١٥٠) ، وعزاه إلى زاهر بن طاهر الشحامي عن أنس.
(٧) وقرأ بها الكسائيّ وأبو بكر.