وآمن ، وعمل عملا صالحا فأولئك يبدّل الله سيئاتهم حسنات ، انتهى. ثم أكّد سبحانه أمر التوبة ، ومدح المتاب فقال : «ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب الى الله متابا» كأنه قال : فإنه يجد بابا للفرج والمغفرة عظيما ، ثم استمرت الآيات في صفة عباد الله المؤمنين بأن نفى عنهم شهادة الزور ، و (يَشْهَدُونَ) في هذا الموضع ظاهر ، معناها : يشاهدون ويحضرون ، والزور : كل باطل زوّر ، وأعظمه الشرك ، وبه فسر الضحّاك (١) ، ومنه الغناء ، وبه فسّر مجاهد (٢) ، وقال عليّ وغيره : معناه لا يشهدون بالزور ، فهي من الشهادة لا من المشاهدة ، والمعنى الأوّل أعمّ. واللغو : كل سقط من فعل أو قول ، وقال الثعلبيّ : اللغو كل ما ينبغي أن يطرح ويلغى ، انتهى. و (كِراماً) معناه : معرضين مستحيين ، يتجافون عن ذلك ، ويصبرون على الأذى فيه.
قال ع (٣) : وإذا مرّ المسلم بمنكر فكرمه أن يغيّره ، وحدود التغير معروفة.
(وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً (٧٣) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً (٧٤) أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً (٧٥) خالِدِينَ فِيها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً) (٧٦)
وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ) يريد : ذكّروا بالقرآن أمر آخرتهم ومعادهم.
وقوله : (لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً) يحتمل تأويلين : أحدهما : أن يكون المعنى : لم يكن خرورهم بهذه الصفة ؛ بل يكونوا سجّدا وبكيّا ، وهذا كما تقول : لم يخرج زيد إلى الحرب جزعا ، أي : إنما خرج جريئا مقداما ، وكأنّ الذي يخرّ أصمّ أعمى هو المنافق أو الشاكّ ، والتأويل الثاني : ذهب إليه الطبريّ (٤) وهو أنّ : يخروا صما وعميانا ، هي صفة للكفار ، وهي عبارة عن إعراضهم.
وقال الفرّاء : (لَمْ يَخِرُّوا) ، أي : لم يقيموا ، وهو نحو تأويل الطبريّ ، انتهى. وقال
__________________
(١) أخرجه الطبريّ (٩ / ٤٢٠) برقم (٢٦٥٣٦) ، وذكره البغوي (٣ / ٣٧٨) ، وابن عطية (٤ / ٢٢٢)
(٢) أخرجه الطبريّ (٩ / ٤٢٠) برقم (٢٦٥٣٨) ، وذكره ابن عطية (٤ / ٢٢٢) والسيوطي (٥ / ١٤٨) ، وعزاه للفريابي ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن أبي الدنيا في «ذم الغضب» ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في «شعب الإيمان» عن مجاهد.
(٣) ينظر : «المحرر الوجيز» (٤ / ٢٢٢)
(٤) ينظر : «الطبريّ» (٩ / ٤٢٣)