(إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) (٢٢٧)
وقوله تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ...) الآية : هذا الاستثناء هو في شعراء الإسلام ؛ كحسّان بن ثابت ، وكعب بن مالك ، وعبد الله بن رواحة ، وكلّ من اتصف بهذه الصفة ، ويروى عن عطاء بن يسار وغيره أنّ هؤلاء شقّ عليهم ما ذكر قبل في الشعراء ، فذكروا ذلك للنبيّ صلىاللهعليهوسلم فنزلت آية الاستثناء بالمدينة.
وقوله تعالى : (وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً) يحتمل أن يريد في أشعارهم ، وهو تأويل ابن زيد (١) ، ويحتمل أنّ ذلك خلق لهم وعبادة ؛ قاله ابن عباس (٢) ، فكل شاعر في الإسلام يهجو ويمدح عن غير حقّ فهو داخل في [هذه الآية ، وكل تقيّ منهم يكثر من الزهد ، ويمسك عن كل ما يعاب فهو داخل في] (٣) الاستثناء.
ت : قد كتبنا ـ والحمد لله ـ في هذا المختصر ـ جملة صالحة في فضل الأذكار ؛ عسى الله أن ينفع به من وقع بيده ، ففي «جامع الترمذيّ» عن أبي سعيد الخدريّ ، قال : سئل النبيّ صلىاللهعليهوسلم : أيّ العباد أفضل درجة عند الله تعالى يوم القيامة؟ قال : «الذّاكرون الله كثيرا ، قلت : ومن الغازي في سبيل الله عزوجل؟! قال : لو ضرب بسيفه في الكفّار ٥٠ ب والمشركين حتّى ينكسر ويختضب دما ـ لكان الذّاكرون الله تعالى أفضل منه» (٤) / وروى الترمذيّ ، وابن ماجه عن أبي الدّرداء ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ألا أنبّئكم بخير أعمالكم ، وأزكاها عند مليككم ، وأرفعها في درجاتكم ، وخير لكم من إنفاق الذّهب والورق ؛ وخير لكم من أن تلقوا عدوّكم فتضربوا أعناقهم ونضربوا أعناقكم؟ قالوا : بلى ، قال : ذكر الله تعالى» (٥). قال الحاكم أبو عبد الله في كتابه «المستدرك على الصحيحين».
__________________
(١) أخرجه الطبريّ (٩ / ٤٩١) برقم (٢٦٨٥٦) ، وذكره ابن عطية (٤ / ٢٤٧)
(٢) ذكره ابن عطية (٤ / ٢٤٧)
(٣) سقط في ج.
(٤) أخرجه الترمذيّ (٥ / ٤٢٨) كتاب الدعوات : باب فضل الذكر ، حديث (٣٣٧٦) ، وأحمد (٣ / ٧٥) من طريق دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري به. وقال الترمذيّ : هذا حديث غريب ، إنما نعرفه من حديث دراج.
(٥) أخرجه الترمذيّ (٥ / ٤٥٩) كتاب الدعاء : باب (٦) حديث (٣٣٧٧) ، وابن ماجه (٢ / ١٢٤٥) كتاب الأدب : باب فضل الذكر ، حديث (٣٧٩٠) ، وأحمد (٥ / ١٩٥) ، والحاكم (١ / ٤٩٦) عن أبي الدرداء مرفوعا.